vendredi 13 décembre 2019

ذوات لانهائية في شخصية روائية واحدة




أعادت دارا سرد وممدوح عدوان إصدار رواية اللامتناهي-سيرة الآخر للروائية السورية مها حسن، بعد أن كانت قد طُبعت للمرة الأولى في العام 1995. وتخلو هذه الرواية الاستثنائية من الأحداث أو وقائع الحبكات، عدا علاقة عاطفية، وعلاقة مثلية، وجريمة قتل؛ بينما تنصب كامل صفحاتها على بناء شخصيتها الرئيسية. إنها رواية سيرة كما يبدو من عنوانها، لكنها مروية من قبل آخر، وليست مكتوبة من قبل صاحب السيرة نفسه. ولكن هذه السيرة تحمل خصوصية، لأنها سيرة شخصية لامتناهية كما يبدو من العنوان، سيرة شخصية تحمل السمة الإنسانية ونقيضها، مؤمنة بالفكرة ونقيضها، تمتلك طباعاً محددة ولكن تمتلك نقيضها أيضاً، لذلك تُفتتح الرواية بعبارة البداية: «الحياة قائمة على التناقض والتضاد، لا على التماثل والتوازي».
في ثلاثية صموئيل بيكيت الروائية مالون يموت، اللامُسمَّى، مولي/ 1958، نكتشف أن السارد لكل رواية من الثلاثية هو أنا مضمرة في جزء آخر منها، هكذا تصبح أنا السارد دائرية ولامتناهية. أما في رواية مها حسن، فالسارد ثابت، هو صوت الراوي الذي يرافقنا طيلة الرواية، لكن الأنا الموصوفة، الشخصية الروائية «أدهم بن ورقة» هي اللامتناهية، وهذه هي المغامرة التقنية السردية التي تبني الكاتبة عليها الرواية، وتمتع القارئ بها.
يدّعي صوت الراوي أنه جَمَعَ المعلومات عن سيرة أدهم بن ورقة من ثلاثة مصادر: 1. ذكريات أدهم الشفوية. 2. كتابات أدهم التحريرية، التي دونها في دفتر خاص به، كان يطلق عليها عدة تسميات: دفتر السرد، دفتر التشريح، دفتر القصّ، دفتر الثرثرة. 3. بعض المعلومات التي قالتها عنه نساؤه، وقد اجتمعنَ جميعهنّ تحت اسم واحد هو سلمى.
هكذا تصبح الرواية هي الإجابة على التساؤلات عن كيفية بناء الكاتبة لشخصية روائية لامتناهية؟
الولادات المتعددة
ليس هناك حكاية ولادة واحدة لشخصية أدهم بن ورقة، بل هناك العديد من الحكايات والروايات عن ولادته، وكل منها يتم في تاريخ مختلف عن الأخرى، كما أن لكل منها حكاية تميزها من حيث هي حدث ولادة، وتميز شخصية أدهم وسِماته عن الولادة الأخرى. مثلاً، ولد أدهم عام 1941، وكان معتداً بنفسه، متباهياً، مغروراً، ولكنه، مع ذلك، كان محبوباً، مألوفاً، مبررة كل فظاظاته. لكن ما نلبث أن نتابع القراءة حتى نكتشف حكاية أخرى تتعلق بولادته، تقول إن أدهم بن ورقة ولد في عام 1935، وكان رجلاً عصبياً، صامتاً في معظم الأوقات، يغالبه شعور ضخم بالنقص والخجل. وكان في بعض الأوقات عنيفاً. وهو في جميع الأوقات رجل مكروه، منبوذ، مهمل، يتحاشاه الآخرون. بينما كان في الولادة الأولى محبوباً، ها هو في الولادة الثانية يعتبر مكروهاً ومنبوذاً، وبذلك فإن ولادة أدهم الأولى ليست فقط مختلفة التاريخ والزمان عن الولادة الثانية، بل إنه يُوصَف بسمات إنسانية وشخصية مختلفة بين المرة والأخرى.
في موضع آخر في الرواية هناك ولادة ثالثة لأدهم: «الجميع تشاءموا يوم ولادة أدهم، ففي عام 1905 ولدته أمه»؛ وأيضاً ولادة رابعة مختلفة في التاريخ وسمات الشخصية: «ولد أدهم بن ورقة عام 1993، كان ذكياً ومرحاً وجذاباً، له حضور قوي، فهو محبوب ومرغوب، نجم الحفلات والسهرات، ورفيق السفر، همّه الوحيد إضحاك الآخرين». هكذا بين الفقرة والأخرى من أقسام الرواية، يُعاد السرد ليقدم للقارئ تاريخاً وحدثَ ولادة جديد لأدهم بن ورقة، ويعيد تشكيل صفات جديدة، وأحياناً متناقضة عن الصفات المرتبطة بولادته السابقة. إنها محاولة للقول إن سيرة ولادة الإنسان وتحديد صفاته أمر مستحيل، أو بالأدق هو أمر قابل للتأويل والقراءة بأكثر من طريقة، وربما أحياناً بطرق متعددة، وهو ما تطلق عليه الكاتبة «الإنسان متعدد الأبعاد»، ناسفاً صيغة الإنسان ذي البعد الواحد.
الاسم
لا بدّ حين ابتكار شخصية متعددة الأبعاد، غير قابلة للقولبة في تأويل فكري أو نفسي محدد، من الوقوف طويلاً عند الاسم، فالأسماء تتعلق بالذوات، والاسم يعتبر من محددات الشخصيات والذوات الأساسية، وإذا أمكن القول فإن الأسماء هي أول القيود على الشخصية وعلى الذات، التي تمنعها من أن تكون متعددة ولا نهائية. لذلك، تُعنى الكاتبة مها حسن بهذا التفصيل، وتولي اهتماماً كبيراً باسم الشخصية التي تخلقها. أدهم بن ورقة هو الاسم الذي تختاره لشخصيتها ذات الأبعاد المتعددة، لكنها تعدد أولاً الحكايات التي أدت إلى حمله لهذا الاسم، ومعاني هذا الاسم، وثانياً آراء أدهم الذاتية بالأسماء.
عن أصل اسمه: تقول الحكاية الأولى إنه سُمّيَ أدهم لأن القابلة التي ولدته قد رأت في باطن كفه بروز شرايين زرقاء قاتمة شكّلت كلمة «أدهم»، وبدت تلك القطعة اللحمية الشفافة أو الغشاء السري على شكل الورقة، لذلك أتخذ في اسمه الورقة. لكن حكاية أخرى تقول إن أمه قد حملت به وهي تتجول في الغابة، عندما لمحت ورقة خضراء، يانعة، تلمع لمعاناً شديداً، التهمتها بسرعة فحملت به بعدئذ، لذلك قيل إن أدهم لم يأتِ من صلب رجل، إنما من صلب الطبيعة. وفي مقطع آخر من الرواية، وحكاية أخرى لاسم أدهم بن ورقة: «الجميع تشاءموا يوم ولادة أدهم، ففي عام 1905 ولدته أمه، فماتت إثر الولادة، وأوصت قبل أن تلفظ آخر أنفاسها أن يسموه أدهم، على اسم جدها، فكان ذلك». تروي حكاية أخرى عن أصل كنيته؛ «ابن ورقة»، أن أدهم نشأ في جو مليء بالكتب والأوراق، كان أبوه مهتماً بالقراءة والثقافة، فنشأ ابنه منذ طفولته على ركامات من الورق، وأصبحت تلك الأوراق أقصى متعته، فقد كان ينفرد بها ساعات طويلة، يكتب ويمزق، حتى يملأ غرفته بتلال من الورق. ولأن قمامة عائلة أدهم كانت في أغلبها من الورق، أسماهم جامع القمامة «بيت ورقة». هكذا هناك حكايات عديدة في الرواية عن مصدر اسم أدهم بن ورقة، وهي ليست بالضرورة متساوقة، بل هي أحياناً تنفي بعضها بعضاً، كما العديد من سمات هذه الشخصية الروائية المبنية بعناية التناقضات على طول السرد.
أما عن رأي أدهم حول علاقة الذات بالاسم الذي تحمله، نرى أن آراءه تتناقض حول أهمية الأسماء في حياة البشر، ففي تأملاته نراه يفكر بأن الاسم هو «شيء سخيف، شيء في منتهى السخف، سوف يُختصر وجودي كله في جملة ثلاثية الكلمات: أدهم بن ورقة. هل يعقل أن يكون وجودي وكل عالمي، وأفكاري، وخيالاتي، وأحلامي، كلها متضمنة في تكثيف شديد في جملة: أدهم بن ورقة؟»، ونراه يستنتج: «أكره الأسماء، ولا أعرف لماذا أكره أن يعرف الآخرون اسمي»، لكن بعد عدة صفحات نجد أن لدى هذه الشخصية ذاتها رأياً مختلفاً، بل متعارضاً، حول دور الأسماء وعلاقة الذوات بها، نجده فرحاً بامتلاك اسم يُميّزه، فرحاً بامتلاك اسم خاص به؛ يقول: «تقفز صورتك إلى أذهان الآخرين ما إن يصل اسمك إلى مسامعهم»
في عشق الوالدين والكراهية لهما
يتطلّب ابتكار شخصية ذات أبعاد متعددة عملاً سردياً على علاقة هذه الشخصية بالوالدين. ففي مقاطع من الرواية نجد أن أدهم بن ورقة على علاقة حب وإعجاب مع والده، لا بل إن أدهم يصف بأن حياته كانت متمحورة حول أبيه، كأنها دائرة يحتل الأب المركز منها، ويعتبر أن كل ما مر معه كان آتياً من أبيه إليه؛ يكتب له: «أنت السبب في كل أحوالي، كل ما قمت به من أفعال كان موجهاً إليك مبتغياً إرضاءك». لكن ما تلبث مقاطع أخرى من الرواية أن تصف علاقة أخرى بين أدهم ووالده، يصفه فيها بالرجل الإرهابي، يصارحه بالكراهية، ويعترض على امتلاك والده قياد حياته: «ألأنك أتيت بي إلى العالم في لحظة عناق همجية، امتلكت كل تلك السلطات عليّ؟ أي قانون أحمق هذا الذي ملّكك صناعتي والاستمرار في صياغتي؟ أكرهك يا ورقة. حتى تلك المرأة المقدسة التي أعشقها، أمي، أكره فيها صورة عناقك، أشمئز من تصوري أنها في فراشك، أتمنى أن أذبحها كلما تذكّرتُ ذلك».
كذلك علاقة أدهم بوالدته، عليها أن تكون مبنية على طرفي نقيض حتى تستمر الشخصية في سِماتها المتعددة، المتناقضة، واللامتناهية. على طول الرواية، نكتشف تلك العلاقة الملتبسة بين أدهم ووالدته، تنتقل من صفة المرأة المقدّسة، المحبوبة، والمرأة الوحيدة الحضور في حياته كما يصفها، إلى تلك المتسببة في آلامه وعذاباته ووحدته، فيعتبرها أدهم المسؤولة عن فشله في إقامة العلاقات العاطفية مع النساء: «الوحيدة المسؤولة عن أوجاع النساء اللواتي فشلتُ معهن، وفشلنَ معي، هي أنت. إليك تعود المسؤولية كاملة يا أمي. كان ذلك بسببك أنت، فقط أنت، كنت في كل مرة، ومع كل امرأة، أحاول استعادة شيء منك، من روائحك، رائحة ثديك، عرقك، قدميك، وروائح جمّة منك».
«الآخرون هم الجحيم» أم الآخرون هم ذواتنا؟
بعد العلاقة مع العائلة، تُخصِّصُ الرواية فقرات متعددة لتستعرض رأي أو تفكير أدهم بن ورقة بالآخرين. فهو تارةً يشعر، كما يكتب جان بول سارتر في مسرحية الأبواب المغلقة، أن الآخرين هم الجحيم، هم العيون المراقبة على الدوام، الألسنة الثرثارة، الأحكام التي لا ترضى أن ترى ما هو جيد، بينما تبحث دوماً عن السمات الخاطئة في الإنسان لتُطلِقَ الأحكام. وما أن تمضي في الرواية صفحتان، حتى نجد جانباً آخر في علاقة أدهم مع الآخرين، حيث نقرأ أن أدهم أحب الآخرين، بل وكانت له مقولة مأثورة في حب الآخرين، وهي: «أنت تحب نفسك، يعني أن تبرهن على ذلك بحب الآخرين». 
وحين يفكر أدهم بسمات «القوة»، نجد أبعاداً أخرى لعلاقة أدهم بالآخرين، فهو يعتبر أن: «القوة هي أن تأتي متى تريد، وتغادر حينما تريد، أن تدخل الآخر في حالتك، لا أن تدخل في حالة الآخر، أن تختار الآخر، لا أن يختارك الآخر». هنا يجد أدهم أن العلاقات البشرية محكومة بمعادلة السيد والعبد، وعلى الإنسان الاختيار، إما أن يكون سيداً والآخرون عبيده، أو أن يجعل الآخرين أسياده فيتحول إلى عبد لهم. وهو يجزم ألّا علاقة ممكنة حيث يكون كلا الطرفين سيداً. 
الجنسانية الملتبسة بين الغيرية والمثلية
تلتبس جنسانية أدهم بين الغيرية والمثلية، وهو متناقض في كل واحدة منها على حدة. ففي الجنسانية الغيرية يبدو أدهم تارةً رجلاً مرغوباً من النساء، تتقاذفه النسوة، يختلفنَ ويختصمنَ ويقتتلنَ من أجله، وتارة على العكس تماماً، يظهر أدهم بن ورقة كرجل مكبوت، غير مرغوب من النساء، يختلق الحيل والأكاذيب الدنيئة من أجل الحصول على علاقة واحدة مع امرأة، نصف علاقة، قبلة على الأقل، أو حتى لمسة يد، دون أن ينجح، فيصف نفسه بأنه رجل بلا امرأة، رجل لم تلمسه ولم يمسّ امرأة. أما المرأة الوحيدة التي يذكر اسمها في الرواية، سلمى، فهي تظهر بعدة صفات، هي ابنة عمه، وهي حبيبة الطفولة والمراهقة، وهي أيضاً أخت ابن عمه ممدوح وحبيبته في الآن عينه، وهكذا تتنوع أدوار سلمى في حياة أدهم بين الأخت، القريبة، والمعشوقة، والمكروهة أيضاً. في ظل هذه العلاقة الملتبسة مع الجنس الآخر، تنمو ميول أدهم إلى تجارب المثلية الجنسية، وتكون التجارب الأولى مع ابن عمه ممدوح، ثم تستمر لعبة الاحتكاك بالرجال، يمسّهم ويمسّونه، حسب تعبيره: «إلى أن تحول الأمر إلى اعتياد وألفة، وانزاح عني الشعور بالاعتداء. ففي المرة الأولى تألمت، ثم بكيت، وشعرت بحرقة في نفسي، تشبه شعور من اختُطف من حضن أمه. واندهشت من نفسي، عندما تحول هذا الرفض الداخلي إلى قبول، ومن ثم إلى متعة».
تعدد الذوات في الجسد الواحد
ربما كان عليَّ البدء في الحديث عن شخصية أدهم بن ورقة كذات متعددة من حيث علاقتها مع الجسد، فالجسد من أولى محددات الذات، ويجب على الفور التنبه لخيارات الكاتبة في كيفية رسمها لعلاقة هذه الذات اللامتناهية مع جسد فيزيولوجي واحد يمتلكه كل إنسان. لكن الحديث عن الجسد في الرواية يأتي من داخل أفكار أدهم، أي أن أدهم هو الذي يفكر في جسده، ويكتب عنه، وهذا ما يتطلب وعياً ونضوجاً، لذلك آثرتُ أن أؤخر الحديث عن الجسد إلى أن يتكون وعي أدهم وفكره، أن أؤخّره عن العناصر السابقة التي تطرقت إليها في الحديث عن الرواية في هذا النص.
يرى أدهم بن ورقة في تأملاته أن المرء يحيا عدة حيوات في الجسد ذاته، فالجسد بالنسبة له يُخفي عدداً هائلاً وخفياً ومجهولاً من الذوات، لكل ذات منها سيرة حياتية مستقلة، ولكل ذات من بينها معاناة خاصة لا تعرفها الأخرى. وعندما يموت الإنسان، فإن معظم ذواته، وأكثرها، تكون غير متحققة، ولم يُكتب لها الظهور والانكشاف، لأن حياة الإنسان قصيرة بالمقارنة مع عدد الذوات المتضمنة داخل الإنسان. إذاً، تحيا في الجسد العديد من الذوات غير المتحققة، غير المعلنة، وغير المكتشفة حتى من قبل صاحبها، كما يتضح من أفكار أدهم وكتاباته عن العلاقة بين الذات والجسد.
المعالم الفكرية والنفسية
بعد الحديث عن ولادة أدهم، اسمه، علاقته بالوالدين وبالآخرين، جنسانيته وجسده، ننتقل إلى العالم الفكري في حياة هذه الشخصية؛ ما هي مكوناته الفكرية؟ وما هي أفكاره في أمور وجودية، أو نفسية، أو اجتماعية؟ فرسم الشخصية الروائية الدقيق يجب أن يشمل مجموعة الأفكار، المقولات، المعتقدات التي تَسِمُ هذه الشخصية، وتجعلها استمرارية لما أرادت الروائية أن ترسمه، أي شخصية روائية تنطبق عليها صفة الإنسان متعدد الأبعاد، ناسفاً صيغة الإنسان ذي البعد الواحد. وهكذا، عبر كتابات أدهم وتأملاته، تستعرض الكاتبة مجموعة من الرؤى والنظريات التي تحكم تفكير شخصيتها.
تذكر الروائية أن أدهم تأثَّرَ بمناهل فكرية متنوعة، فهي تذكر الديانات، والصوفية، والسريالية، وغيرها، وفي كل مرة يبدو أن أدهم متأثر بمنابع فكرية أو مدارس فكرية مختلفة عن الأخرى. هذا عن روافده الفكرية والنفسية، أما أبرز النظريات التي يفكر بها، فهي نظرية الكينونة الأولى، ونظرية الشعور واللاشعور، ونظرية الأخلاقي واللاأخلاقي.
بين الكينونة الأولى والكينونة المستقبلية
تعتبر الكاتبة أن هذه النظريات أساسية في بناء الحياة الفكرية والنفسية لشخصيتها، ففي نظرية الكينونة الأولى تشرح الروائية أن أدهم يعتقد أن الإنسان خرج من صورته البدئية، ودخل في صورته الجديدة، فنسي أصله وكينونته الأولى، وظنَّ أن ما هو عليه اليوم هو هو، وظنَّ أيضاً أنه ليس ثمة هو غير ما هو هو، فأنكر بالتالي الـ هو الأول، وتماهى في الـ هو هو، كما هو الآن. لكن هناك حالات نادرة جداً، يطلق عليها أدهم وصف «اللحظة الإشراقية»، وهي تصيب النوادر من البشر، أولئك المتسمين بسمات خاصة مثل: التحليل، التركيز، التأمل، العمق. هؤلاء يعيشون لحظات إشراقية، لا تدوم طويلاً، لكنها تترك انطباعاً غريباً مولدة للشك والحيرة والغموض، وعدم يقينية الكائن البشري إن كان هو هو، أم هو لا هو.
يكتب أدهم في الدفاع عن نظريته عن الكينونة الأولى: «لماذا ندخل أمكنة للمرة الأولى، فيتملكنا الإحساس بأننا قد سبق أن دخلناها؟ ولماذا نرى أشخاصاً للمرة الأولى فنعتقد أنها ليست المرة الأولى؟ ولماذا نتصور أحياناً أننا قد قرأنا هذه الجملة من قبل، أو سمعنا هذا الحديث من قبل، أو حدثت لنا الحادثة الفلانية من قبل؟ ألا يعني كل ذلك، أنه ثمة كينونة مسبقة للمرء اندفنت بسبب تراكم الأحداث؟ فتكون الطبقة الأولى لـ كان، مدفونة تحت طبقات عديدة لـ صار صار».
إذن، في نظرية الكينونة الأولى، يعتقد أدهم أن الإنسان لكي يكتشف حقيقته البدئية، لابد له من «لحظة إشراقية» تذكره بالماضي، وتشككه بالحاضر، لتطرح عليه أسئلةً حول ما كان عليه في الأصل في الحقيقة. لكن أدهم هو الفكرة ونقيضها، هو النظرية ونقيضها، ونقيض نظرية الكينونة الأولى، هو نظرية أخرى لدى أدهم، وهي التي تقوم على تقسيم الناس إلى فئات ثلاث في التعامل مع الزمن:
الفئة الأولى: فئة مرتبطة وما تزال تحيا في الماضي؛ المجانين والمرضى النفسيون الذين رفضوا حقيقة انفصالهم عن تاريخهم الأول، البدئي.
الفئة الثانية: فئة يشغلها الحاضر بتفاصيله، فلا تذكر الماضي إلا بشكل عرض وطارئ. وهي تضم معظم البشر الذين يمكن لنا أن ندعوهم بالعاديين، هؤلاء يأتون إلى الحياة ويرحلون، يكررون ما فعله الأولون.
الفئة الثالثة: فئة تحيا كأنها ليست هي، بل كأنها الشخصية المستقبلية التي لم تأت بعد، ولم تتحقق بعد. هذه الفئة يقوم عليها الصراع التاريخي بين الماضي والحاضر، بين الذات المتحققة والذات الواجب تحققها، بين ما هو موجود وما يجب أن يكون موجوداً، وهذه الفئة تشمل الفنانين الحقيقيين، والعباقرة.
إذن، فبينما يعتقد أدهم في نظرية الكينونة الأولى أن الأشخاص المميزين والعباقرة هم أولئك الذي يسترجعون في لحظة إشراقية ماضيهم، فإنه في نظرية تقسيم الناس إلى فئات في علاقتهم مع الزمن، يعتبر أن العباقرة والمميزين هم أولئك الذين يفكرون بالمستقبل فقط. وهذه براعة من الكاتبة أن تبني لشخصيتها الروائية نظريتين متناقضتين، كل منهما مكتملة نظرياً ومتينة في برهانها الفكري، لكنهما متعاكستان في الرأي والجوهر.
بين العقل المستمر واللاشعور
كذلك على مستوى علم النفس، يدافع أدهم بشدة أنه ليس هناك ما يمكن أن نطلق عليه اسم «اللاشعور»، وإن كل شيء يتم في الشعور، في تمام الشعور، بكل تناقضاته، أي جميع العمليات شعورية، فنراه هنا يؤيد نظرية أن كل العمليات التي يمر بها الإنسان هي شعورية وقصدية. لكن ما نلبث أن نقرأ بعد صفحات، أن أكثر ما كان يحبه أدهم هو الكتابة، وتُحدِّثُنا الرواية عن أحد تجاربه فيها: «كان أدهم يحب الكتابة، ويفكر بتجربة كتابة صغيرة: أن نراقب أنفسنا من الصباح إلى المساء، ونكتب عن كل شيء يمر في بالنا ويحدث معنا، مهما كان طفيفاً وصغيراً. لكن هذا أمر صعب لأنه في العمل المتواصل للمخ لا يمكن اللحاق به وتدوين كل ما يخطر فيه، لأن العقل لا يتوقف عن التفكير، إذاً، ثمة خيانات لا بدّ من وقوعها». في الاقتباس السابق، ينفي أدهم وجود اللاشعور، ولكنه في الآن عينه يقول إن العقل لا يمكن له أن يتوقف عن التفكير، لكن ماذا عن الأفكار التي تراوده في غياب الشعور، ألا تقع بالتالي أفكار الذهن غير القادر على التوقف عن التفكير في مساحة اللاشعور؟ هي أيضاً، بنية مركبة ومتناقضة لهذه الشخصية الروائية في أفكارها عن علم النفس.

الأخلاقي واللاأخلاقي وجريمة القتل
النظرية الأخيرة في أفكار أدهم، التي أرغب التطرق إليها، هي تلك المتعلقة بتعريفاته لما هو أخلاقي وما هو غير أخلاقي. هنا، وعلى العكس كل ما سبق، لدى أدهم نظرية واضحة، ثابتة، وليست متناقضة، فهو يعتقد أنه ليس ثمة من فعل أخلاقي وفعل غير أخلاقي، كما يقول إنه ليس هناك ما هو خيرٌ وما هو شرّ، بل ما هو مناسب له، أو ما هو غير مناسب. هذه النظرية الجامدة، لا تلقى في الرواية نقيضاً لها، لذلك تكون سبباً أو دافعاً لارتكاب الفعل الوحيد في الرواية الذي تُقدِمُ عليه الشخصية، وهو فعل القتل. لكن لماذا يقتل أدهم جارته؟ يتم الأمر كالآتي:
وحيداً في المنزل، وأمام المرآة، يتخيل أدهم أن سلمى تبادله الحب، لكنها لا تحبه. يقف أمام المرآة، يتوهم صوراً لهما معاً في حالات عشقية، كأن أحداً قد فتح علبة مليئة بالصور المخزونة، فاندفعت الصور عشوائياً على أرض الغرفة، غابات كثيفة كان يركض فيها مع حبيبته، تلال عالية خضراء تَسَابَقَا للوصول إلى قمّتها. في هذه الأثناء، تطرق عليه الباب جارته، مؤجرة المنزل، تريد أموالها. ولأن صاحبة البيت تعيده من الحلم إلى الواقع، من أدهم المتسامي المتعالي عن الوجود، إلى أدهم من لحم ودم، فإنه يرتكب جريمة قتل بحقها. يقتل مؤجرة المنزل، لأنها تذكّره بأدهم الضعيف والمنبوذ، وبعد أن يقتلها يقول: «عندما تكون الرؤية حرة، تكون جميلة. لقد تخلصت من خوفي وشكّي ووهمي، إني أحب الحياة، أحب الناس، ممتلئ بالحب»، رغم أنه ارتكب للتو جريمة قتل بحق مؤجرّته، هذا ما يفسره اعتقاده على الدوام بأنه ليس هناك من خير وشرّ، بل هناك ما هو مناسب له وما هو غير مناسب.
في الرواية، يرتبط بوضوح فعل القتل الذي تُقدِمُ عليه الشخصية بأفكارها عن الأخلاقي وغير الأخلاقي، كما في المقطع التالي: «ليس ثمة شيء أخلاقي وشيء غير أخلاقي، القتل مثلاً، هو شيء غير أخلاقي، لماذا؟ هل جرب القتل أولئك الذين وصفوه بذلك؟ عندما قتلتُها لم أشعر أني أتيت إثماً أستحق عليه الجزاء، لم أشعر أني مجرم. قتلتها، ولست بنادم، ولكني فقط مشفق عليها. أهذا أمر غير أخلاقي؟»، ويقول في فقرة أخرى، نوردها لأهميتها في تكوين بنية الشخصية وعمقها الفكري: «ليس ثمة شيء قبيح وشيء جميل، لا شيء خيّر ولا شيء شرير. ثمة ما يناسبني، وما لا يناسبني».
كلّنا لا نهائيون
عبر حكايات ولادة متعددة، وحكايات متنوعة لاسم واحد، وعبر علاقة بين الكراهية والحب مع الأب والأم، وعلاقات جنسانية ملتبسة بين الغيرية والمثلية، ونظريات متناقضة في الكينونة، وفي علم النفس؛ ترسم الكاتبة شخصية بملامح لامتناهية، شخصية تتوالد باستمرار، لا يمكن وضعها في قالب هيئويّ محدد ومؤطر، ولا شكلَ ثابتاً لها، ولا ملامح فكرية ونفسية كذلك. حين يتحدث أدهم عن نفسه في الرواية، يبدو وكأنه يصف نفسه، ولكنه يصف أيضاً الرواية المكتوبة عنه، والتي نقرأها عنه، فيقول: «فأنا رجل لا أحب الوصف، ولا التسلسل السردي. إنما مولع بالحوار والكشف المباغت والمباشر عما أريد الإفصاح عنه، عفوي، تلقائي، مباشر، وأنا أيضاً نقيض هذا تماماً»، هو وصف لشخص أدهم، ولأسلوب هذه الرواية في الآن نفسه.
تدفع رواية اللامتناهي-سيرة الآخر للروائية مها حسن كلّ قرائها لأن يرددوا مع أدهم الجملة الختامية في النهاية، الجملة التي دفعتني أيضاً لكتابة مقالة عن الرواية، كي أدفعنا جميعاً لترديدها معه: «لن تحدّدني، أنا كل الصيغ، كل الصياغات، أنا اللامنتهي، اللامتناهي، اللانهائي. النهايات المفتوحة والبدايات المغلقة أنا، أنا المفتوح نحو هاوية اللانهاية، لست إحدى الصيغ، ولست بعض الصيغ، ولست عدة صيغ، أنا منتهى الصيغ». اعتقدها عبارة تنطبق على كلٍّ منا.

vendredi 29 novembre 2019

“L’Isis è tra noi: è un modo di pensare”



Colloquio con Maha Hassan, scrittrice curdo-siriana oggi esule in Francia. Fascismo e discriminazione di genere. Aleppo e il ricordo della nonna armena

Maha Hassan (da http://www.pugliaeccellente.info/maha-hassan-racconta-la-siria-al-liceo-socrate-di-bari/)
«Ho reagito scrivendo». La voce morbida di Maha Hassan sintetizza il percorso della sua vita fino a qui. Tutto quello che le è accaduto, le sofferenze, il divieto di pubblicazione delle sue parole “sconvenienti” nella terra in cui è nata, l’esilio, le ingiustizie subite in quanto donna e gli occhi giudicanti della società, quando i costumi locali proibiscono anche un sussurro se non ti uniformi agli altri.
Maha Hassan è una scrittrice e giornalista curdo-siriana nata ad Aleppo e laureata in Legge nell’università della città. Nel 2011 il suo romanzo Umbilical cord è stato nominato per il “Booker”, l’International Prize for Arabic Fiction; in italiano è stato pubblicato il romanzo I tamburi dell’amore (Poiesis editrice, traduzione di Federica Pistono) e a breve arriverà nel nostro Paese anche un altro titolo, Metro of Aleppo, sempre con lo stesso editore.
Maha Hassan oggi vive a Parigi: è stata costretta a lasciare la Siria diversi anni fa, molto prima dell’inizio della guerra, e scrive le sue storie sia in arabo sia in francese. La incontriamo in occasione del festival “Conversazioni sul futuro”, a Lecce. Città che, nelle vie del centro storico e per le persone in strada anche dopocena in pieno autunno, le ricorda la sua Aleppo. «Nel mio libro Metro of Aleppo – spiega Hassan –, la protagonista, una curda siriana, ogni volta che prende la metro di Parigi si sente come fosse a casa perché, quando esce dal vagone, legge sulle insegne parole scritte in francese proprio come nella sua città d’origine. Poi accade – continua la scrittrice –che la giovane si perde e non riesce ad uscire dalla metropolitana. Così un signore le chiede: “Ma lei dove sta andando”? E lei risponde: “Vorrei andare ad Aleppo”. Questo è un tipico choc da esilio».
Come la sua protagonista anche lei ha scelto l’esilio: nel 2004 è stata costretta a lasciare la Siria e ha chiesto asilo politico in Francia. Perché?
Il 2004 in Siria ha rappresentato l’inizio della rivoluzione curda, antesignana della primavera araba. La situazione era instabile, ero stata schedata dal governo perciò ho scelto di lasciare il Paese. Sono siriana e sono curda, oggi li considero due vantaggi anche se fino a qualche anno fa non dicevo mai di essere una curda. La Siria ora fa i titoli dei giornali. Al Baghdadi è stato un nemico del popolo siriano e curdo, ma il ritiro di Trump ha permesso a Erdoğan di considerarci suoi bersagli. E poi sono una donna.
Cosa vuol dire essere una donna specialmente in una zona di conflitto?
Il nostro corpo non appartiene a noi, è della famiglia, della tribù. Mio padre, comunista, mi diceva: “Non puoi venire alle manifestazioni. Se ti prendono, sarai stuprata dalla polizia”. In quelle parole c’era anche la volontà di proteggere il suo onore perché la politica utilizza il corpo delle donne.
Lei ha usato parole emozionanti e dure allo stesso tempo, parlando del corpo delle donne curde in guerra. Lo ha fatto, ad esempio, per l’orrore perpetrato sul cadavere di Hevrin Khalaf, la politica curdo-siriana leader del Future Syria Party, uccisa da una milizia appoggiata dalla Turchia durante l’operazione militare turca nel Nordest della Siria. E, ancora, in merito al video sulla combattente curda Cicek Kobane, ferita e catturata dalle milizie jihadiste alleate di Ankara.
Ho letto tanti commenti di odio sui social che colpevolizzavano queste donne. In tanti non mettevano in discussione la guerra, ma il fatto che una donna stesse lì, in divisa, con le armi o a capo di un partito per fare politica. Isis vive tra di noi ma noi non lo vediamo perché alla fine Isis è una mentalità, se si giustifica o si difende chi uccide una donna.
Qual è il suo messaggio per scuotere chi non sa nulla di quanto sta accadendo in Turchia e in Siria contro le donne?
Io scrivo. Credo fortemente nella forza delle parole, e spero che magari qualche parola cada nell’orecchio di qualcuno e possa indurre il cambiamento. D’altronde, anche io sono stata cambiata dalle parole, la letteratura mi ha salvata quando ero una bambina. Sono però anche molto delusa perché è da 30 anni che scrivo, partecipo ad eventi, svolgo dei discorsi pubblici e parlo di cose che ancora mi provocano una forte emozione, pur se appartengono al passato, e mi viene anche da piangere. Allora mi chiedo: come posso scuotere le persone? Anche quanti “hanno bisogno di essere scossi” devono venirmi incontro, il rapporto deve essere bilaterale; chi viene ad ascoltarmi si vuole impegnare o si limita a udirmi? In quei territori in guerra ho delle cugine; ho un’amica, alla quale tengo moltissimo, che era ad Afrin (cantone curdo-siriano nel Nordest della Siria che la Turchia ha occupato a inizio 2018, ndr), poi è andata in esilio e ora è a Qamislo, dove è esposta a grosse minacce in seguito all’ultima operazione militare di Erdoğan, quella denominata “Sorgente di pace”. Vedo noi curdi come gli ebrei di oggi. Mi identifico molto nella loro storia, e provo un grande senso di vergogna perché, purtroppo, essa non ha insegnato niente. Nel secolo scorso, le atrocità ai danni degli ebrei sono state perpetrate nel silenzio generale. Ma adesso, in questa società così connessa, tali nefandezze non dovrebbero riprodursi. Sono molto delusa e ho anche molta paura.
In Italia ancora oggi, dopo diversi episodi gravi raccontati dalla cronaca, c’è chi nega un ritorno alla mentalità fascista, al linguaggio d’odio contro ebrei e altre minoranze. Come spiegherebbe a un ragazzo italiano cosa sono il fascismo e la mentalità oppressiva?
Il fascismo si realizza quando una persona, o un’autorità, si limita a considerare qualcun altro soltanto per una questione di sangue, senza altre ragioni. All’inizio del mio lavoro non mi identificavo come una curda, ma per Erdoğan non c’è niente da fare: sono una curda e basta, quindi un nemico, ed è un po’ ciò che alimenta il fascismo e il razzismo dappertutto. Per esempio, se pensiamo a Erdoğan e al Pkk, chiaramente si tratta di un problema politico, ma nel calderone entriamo anche noi cittadini. Se Erdoğan ha un problema politico con il Pkk dovrebbe risolverlo politicamente, invece il presidente turco promuove una guerra contro un’intera etnia. Per questo il fascismo è un’ideologia cieca, assolutamente incapace di giudicare e di vedere, e con un livello di odio debordante. Ai giovani direi che devono evitare di avere una “mentalità fascista” nel giudicare le persone soltanto per il sangue che scorre nelle vene, senza conoscerle, senza incontrarle. Nella maggior parte dei casi, i preconcetti che si possono avere prima di conoscere persone nuove sono falsi.
Quando ha preso la decisione di voler diventare una scrittrice?
Non si è trattato di una vera e propria decisione. Avevo una passione per il teatro e volevo diventare un’attrice, ma vivevo in una società molto chiusa. Mio padre non avrebbe mai accettato, e non ha accettato, infatti, che io facessi l’attrice. Quindi ho reagito cominciando a scrivere dei lavori teatrali. E così mi sono resa conto che potevo andare oltre il teatro: ho capito che la scrittura mi piaceva. in altre parole, come la protagonista del mio libro, ho dato una risposta un po’ di choc. La scrittura non è stata il mio primo sogno, ma una reazione a qualcosa che mi veniva proibito di fare. Ora però non immaginerei niente di diverso per me.
La prima cosa che ha pubblicato è stata su un tema erotico, quindi un argomento molto “problematico” in una società chiusa e maschilista. Come è andata?
Ho pubblicato fuori dal mio Paese, su Al naqed, un magazine di Beirut. Molti siriani, intellettuali e artisti in genere, hanno sempre guardato al Libano come al nostro “mare aperto”. Molti dissidenti da noi in Siria, infatti, hanno deciso negli anni di trasferirsi nel Paese dei cedri proprio per questa ragione, il che è un po’ strano: il Libano sembra un Paese più libero, ma è stato per molto tempo sotto il controllo del padre dell’attuale presidente siriano Bashar Al Assad. In Libano si respirava una specie di libertà, non proprio la libertà vera. Ero molto giovane, e provenivo da una famiglia altamente conservatrice, quindi mi ribellavo molto. Noi ragazze avevamo diritto a ballare, anche di uscire, purché non esternassimo le nostre emozioni. Non parliamo poi di sessualità: era assolutamente un tabù. Perciò, quando ho scritto questo romanzo con connotazioni erotiche, ho agito come tutti gli altri siriani: ho trovato un editore in Libano, Riad El Rayyes, la sua casa editrice porta il suo nome, e da lì è iniziato tutto.
Un libro che le ha creato molti problemi.
Nel nostro incontro l’editore mi ha detto che tutti pensavano che io fossi un uomo e che Maha Hassan fosse uno pseudonimo. Per questo mio primo romanzo ho avuto molti problemi ad Aleppo, dove la società è molto chiusa, soprattutto per le donne, e molto machista. Tutti mi guardavano e sparlavano di me, nei caffè, per strada. Un giorno qualcuno mi si è avvicinato chiedendomi perché avessi scritto quel testo, se sentissi la mancanza di un uomo e via dicendo. Ciò mi ha collocata quasi in un carcere, in una sorta di isolamento etnico-sessuale, tenendomi fuori dal resto della società. In quel periodo lavoravo in un ufficio: un giorno il mio capo, una donna, ha convocato tutte le altre impiegate, pensavo fosse un incontro informale per un brindisi o un caffè, e invece ho scoperto che ero un’imputata e quello era un tribunale. Il mio capo chiese infatti alle altre colleghe che cosa pensavano del mio scritto, se lo giudicavano scandaloso. Ricordo la mia assoluta incapacità di controllare la collera e quindi risposi accusandole di essere conservatrici: non avevo le armi culturali o l’esperienza per rispondere in una maniera diversa. Avevo contro le mie colleghe, la società intellettuale, per la maggior parte costituita da uomini, e anche la mia famiglia, che all’epoca non sapeva niente, e molte volte mi sono sentita dire che avrei fatto morire mio padre, se avesse saputo del mio libro e delle critiche.
E oggi, che da curda siriana vive in esilio ed è anche francese, a che punto è il suo percorso identitario?
Sto per finire un libro che ho scritto in francese e sono alla ricerca di un editore. In questo nuovo lavoro racconto un po’ la mia identità. Parto dalla storia di mia nonna armena che a 5 anni ha visto la sua intera famiglia massacrata, perciò è stata portata ad Aleppo, la sua identità è stata nascosta e le hanno dato un nome musulmano, così è stata adottata da una famiglia musulmana. Quando mia nonna si è sposata, suo marito, un vedovo, le ha dato l’identità della defunta moglie: la sua morte non era stata ancora registrata. Naturalmente ciò ha avuto ripercussioni in tutte le generazioni della mia famiglia. In tutto questo vedo il ripetersi di una lunga storia che arriva fino a me. Anch’io non avevo, e non ho, un’identità fissa, il che può essere talvolta una ricchezza, posso essere quello che voglio. Però provo un senso di vuoto enorme, a salvarmi è solo la forza della letteratura. Mi dico che il destino mi ha scelta affinché scrivessi la storia di tutte le persone venute al mondo prima di me e che erano analfabete. Immagino un “dio della scrittura” che mi ha permesso di dare loro voce. Mi sento Maha, ma quando scrivo mi sento tutte le donne che mi hanno preceduta.
Qual è la prima immagine che le viene in mente di Aleppo?
L’odore di mia nonna. Penso a lei e alla città vecchia di Aleppo. A me piace dire “mia nonna armena”, anche se lei si è nascosta per tutta la vita: aveva un odore che veniva proprio dal suq della città. Lì, prima della guerra, c’erano venditori di spezie, di hennè e di sapone che sprigionavano un odore molto penetrante che forse era l’odore di mia nonna.
(Ha collaborato Lucia Sollecito)
Antonella De Biasi, giornalista e saggista. È stata redattrice del settimanale “la Rinascita”. È coautrice e curatrice di Curdi (Rosenberg & Sellier 2018)