–
« الإقامة والاستقرار في
المكان ترف لا نمتلكه نحن أبناء الحرب، نسعى من محطة إلى محطة من هذه المنافي
حاملين معنا أرواحا تسكننا من كل محطة، على التنقل من مترو باريس إلى مترو حلب
والعكس».
تفتتح الروائية السورية المقيمة في فرنسا «مها حسن» روايتها «مترو حلب» دار التنوير 2016م على مدونة يومية تنطلق منها إلى سرد حكايتها المعلّقة ما بين مكانين شديدي الوطأة والثقل في الروح هما حلب وباريس، على لسان سارة، بطلة مترو حلب، تقول في احد يومياتها ما يشكل ازدواجية المكان وتحكّمها الكبير في أحاسيس ساره ورؤاها للحياة من حولها: «لديّ كتابان أدوّن فيهما: كتاب المنامات، لأتأكد أنني في باريس وكتاب الحرب، لأتذكر أنني في حلب، في مناماتي، أجدني في الغالب في حلب، أما في منامات باريس أشعر في الغالب بأنني في أجواء الحرب».
امرأة تم جلبُها من بلاد تخوض حربا إلى بلاد أخرى يجري الأمان في شرايينها الحيوية، أمان فوق طاقة ساره على التحمّل التي اعتادت على كل شيء في حياتها سوى الأمان المحض، هذا الأمان كان كثقب فاغر يشعرها بعمق غربتها في بلاد بادرة ولا تشبه ضجيجها الروحي الذي اعتاد على التوجس واللا أمان: « استغرق الأمر طويلا، منذ وصولي إلى فرنسا، لأكف عن الشعور بالذعر حين أرى رجلا أو امرأة من الشرطة، لم أتوصل حتى الآن إلى الربط بين الأمان الذي يحققه رجال ونساء البوليس هنا، وبين سلب الأمان الذي يتسبب به (البوليس) في بلدي..».
سارة التي تتقاذفها الصدمات على طول خط الرواية، تكون الصدمة الأولى أشبه باكتشاف غريب حين تعرف أن لها خالة في باريس، خالة تريد رؤيتها قبل موتها، من سيقرأ الرواية، سيشعر أن كل الذين كانوا محاطين بساره من أهل وأقارب وحتى أصدقاء كانوا وامش، صلتها بالآخرين تكاد تكون ملتبسة، لا تتعدى كونهم صلات لجلب الأخبار، شاشات عرض تتداخل معهم، مع حكاياتهم وهمومهم ومصائبهم وأزماتهم النفسية وخيباتهم لترى من خلالهم حياتها، لتتمسك بالثبات المهزوز، لتتشبّع بأرضها التي خلعت عنها رغما عنها وعلى غفلة منها، حلب وحدها استأثرت بكامل حواسها في الحياة، لم تكن الخالة « أمينة» سوى مصادفة جاءت على هيئة صدمة، وكان عليها، من باب المجاملة وربما الإنسانية المحضة أن تستجيب لطلب امرأة على وشك الموت بالسفر إليها لعدة شهور، هذه الشهور لم تكن سوى خدعة مؤقّتة لإقامة على وشك أن تكون كورطة أبدية، فكل من هم في بلدها الأحب، حلب، يجبرها بالبقاء حيث هي في كنف أمانها، حيث المستقبل المشرق والحياة اليسيرة، حيث لم يجرؤ أحد على إبلاغها بحقيقة إبقائها حيث هي، كانوا فقط، يخبرونها بأن الأوضاع في حلب مدمّرة، والحياة فيها تكاد تكون مدمّرة، حلب مدينة الهجران والتلاشي، مدينة يهربون منها لا يعودون إليها.
لعل لقاءها القصير بخالتها أمينة في باريس جعلها تستعيد ترتيب العلاقات في نفسها، لتكتشف أن كل ما حولها هامشي ومؤقت سوى عودتها إلى حلب، هي الحقيقة الوحيدة التي لا تريد دحضها في قلبها وفكرها أيضا: « كما لو أن فرنسا هي المكان الطارئ، المؤقت، الإسعافي الذي جئت إليه وانتظر انتهاء الحرب لأغادره، فرنسا كلها الآن بالنسبة لي مجرد فندق أو مشفى أو جسر بين جبلين، محطة هنا انتظر فيها القطار الذاهب إلى بلدي هناك، انتظر أن تنزلق قدمي في كل محطة فرنسية، لتأخذني إلى حلب».
كان الشعور مضادا بالنسبة لخالتها أمينة، فهي كانت دائما تشعر أنها فرنسية، هويّتها وكيانها وكلّها: «أنا فرنسية، أشعر بهذا العمق، ويخيل إلي أحيانا، أن ثمة من سرقني من فرنسا وأخذني إلى سوريا، ثم استعدت حياتي الحقيقية حين غادرت».
أمينة يمكن تسميتها مفجِّرة الصدمات في الرواية، أولا ظهرت كخالة ثم كأم لسارة، شخصيتها تكاد تماثل ساره، كل العلاقات في حياتها كانت مجرد هوامش، سوى المسرح، المسرح وحده كان حبّ حياتها الحقيقي، لقد تنازلت عن حياتها في حلب، تنازلت عن ابنتها، عن كل شيء راسخ في سبيل عشقها الأوحد المسرح، ومن خلال شخصيات التي أدّتها على خشبتها كانت تعيش اكتمالها كامرأة استغنت عن كل شيء، كان هذه التمازج والتداخل في عديد من الشخصيات يكسر غربتها الداخلية، بل كان يشعرها بالثراء والافتتان دون أن يساورها أي إحساس يُنغّص عليها تكريس حياتها لفنّها، ولا حتى بالندم لتخليها عن ابنة من صلبها، خلفتها وراءها إلى ماض ما عاد يمتّ لها بصلة، لقد تجاوزت أزمتها، تجاوزت ذكرياتها، واستطاعت أن تؤثث ما أرادته من حياة يلائم شبقها وروحها المتمردة، كانت أمينة شخصية متفردة من نوعها وجديدة، خرجت عن طور التقليدية في بناء شخصيات النسوية في الروايات العربية، حتى أن القارئ يكاد يتصالح معها، دون أن يمسّها بالأنانية، دون أن يُؤلب مشاعره عليها، لقد انتصرت أمينة حقا حتى على قارئها ونجت من المحاسبة، هي وحدها التي اختارت الحياة التي تريدها وحلت محلها أختها «هدهد» لتكون أمينة أخرى في نظر أهل زوجها، لتكون الوليمة والضحية في آن على حساب مشاعرها: « أختي التي سرقت حياتي، لم أعش حياتي، عشت الحياة التي اختارتها أختي ثم تركتها، لم أختر حياتي: لا زوجي ولا أقاربه ولا حلب التي تركت دمشق بسببها »، حتى وليد الذي تزوجته في لحظة عبث ثم هجرته في لحظة مطاردة لأحلامها الخاصة عانى من مغبة هذا النفي الذي كان خارج إرادته، والنتيجة لهذا الزواج العبثي هو ساره التي كانت عليها أن تحمل عبء ما فعلته أمها أمينة التي نبذت أمومتها بها حدّ الهجران، كان عليها أن تتقبّل تقاطيع الحياة التي فرضها عليها وضعها الطارئ الذي صار مصيرا لا يمكن الفرار منه، كان عليها أن تواجه الصدمات تباعا ولوحدها خاضعة لاختبار صادم لاستعادة ذاتها المسلوبة، ذاتها التائهة، ذاتها المتشبثة بحلب: « كأنني في ورشة التكوين، أحاول أن أثبت ملامحي الجديدة، لكن كلما نظرت إلى نفسي تظهر القديمة، أنا سارتان أو ثلاث: سارة ابنة أمينة – سارة ابنة هدهد، سارة التي في باريس – سارة التي تريد أن تستسلم – سارة التي تريد أن تتمرد… ساره…».
كتابة الرواية بتقنية اليوميات كان ضرورة، لأن سارة كانت بحاجة إلى بوح شخصي، أن تستعيد من خلال فضفضتها الحميمة ثباتها الروحي الذي اختلّ على حين فجأة، توثيق المكان بالساعات والأيام كان حلّها الكفيل، كي لا تسقط في ثقب الغربة الممتد حولها بشدة !
اللغة المنولوجية التي سارت عليها ساره خرقت مسارها بأصوات بقية الشخصيات المتعددة في الرواية، لقد تحكمت الروائية « مها حسن » بشخصياتها بشكل فريد، ومنحت لكل منهم ومنهن، حيّزه الخاص من خصوصية البوح، لقد اقتسمت الحكايات بينهم بشكل يكاد أن يكون منصفا، كأن الأحداث صيغت بمكبّر صوت كبير، مرّر نفسه بانسيابية إلى كل شخصية في الحكاية، مراوغة بهدوء مثل صيّاد متمرّس، تركت لهم مساحة من الفردانية والاستقلال، فكل الشخصيات في الرواية لها مواقفها وبوحها، لها ما يشغلها وما يوتّرها.. ( أمينة، وليد، هدهد، سوسن، هالا، سناء، رولا، بوران، مُنية، نُزهة، عادل، شيماء، طارق، يان)، وحدها سارة كانت تراهم طريقها إلى مترو حلب.
« – ماذا تفعلين هنا وأنت ترتدين هذا الفراء الفاخر؟
– أنتظر المترو.
– لقد نزلت للتو منه.
– لم يكن المترو الذي أريد.
– أي مترو تريدين ؟
– مترو حلب.. ».
في النهاية حدث تصالح ما بين المكانين، ما بين حلب وباريس، يتوحد المكانان في قاعها كمصير مشترك « أحس بأنني أولد من جديد وقد وجدت الجواب على السؤال الذي شغلني: أين أعيش، في حلب أو في باريس ؟ لاختار العيش معا، لا نتقل بين الضفتين، كأنني أركب هذا المترو الباريسي الطويل، لأنزل منه في محطة حلب و أعود من جديد إلى باريس».
وصار الطريق إلى حلب مُمهّدا.
تفتتح الروائية السورية المقيمة في فرنسا «مها حسن» روايتها «مترو حلب» دار التنوير 2016م على مدونة يومية تنطلق منها إلى سرد حكايتها المعلّقة ما بين مكانين شديدي الوطأة والثقل في الروح هما حلب وباريس، على لسان سارة، بطلة مترو حلب، تقول في احد يومياتها ما يشكل ازدواجية المكان وتحكّمها الكبير في أحاسيس ساره ورؤاها للحياة من حولها: «لديّ كتابان أدوّن فيهما: كتاب المنامات، لأتأكد أنني في باريس وكتاب الحرب، لأتذكر أنني في حلب، في مناماتي، أجدني في الغالب في حلب، أما في منامات باريس أشعر في الغالب بأنني في أجواء الحرب».
امرأة تم جلبُها من بلاد تخوض حربا إلى بلاد أخرى يجري الأمان في شرايينها الحيوية، أمان فوق طاقة ساره على التحمّل التي اعتادت على كل شيء في حياتها سوى الأمان المحض، هذا الأمان كان كثقب فاغر يشعرها بعمق غربتها في بلاد بادرة ولا تشبه ضجيجها الروحي الذي اعتاد على التوجس واللا أمان: « استغرق الأمر طويلا، منذ وصولي إلى فرنسا، لأكف عن الشعور بالذعر حين أرى رجلا أو امرأة من الشرطة، لم أتوصل حتى الآن إلى الربط بين الأمان الذي يحققه رجال ونساء البوليس هنا، وبين سلب الأمان الذي يتسبب به (البوليس) في بلدي..».
سارة التي تتقاذفها الصدمات على طول خط الرواية، تكون الصدمة الأولى أشبه باكتشاف غريب حين تعرف أن لها خالة في باريس، خالة تريد رؤيتها قبل موتها، من سيقرأ الرواية، سيشعر أن كل الذين كانوا محاطين بساره من أهل وأقارب وحتى أصدقاء كانوا وامش، صلتها بالآخرين تكاد تكون ملتبسة، لا تتعدى كونهم صلات لجلب الأخبار، شاشات عرض تتداخل معهم، مع حكاياتهم وهمومهم ومصائبهم وأزماتهم النفسية وخيباتهم لترى من خلالهم حياتها، لتتمسك بالثبات المهزوز، لتتشبّع بأرضها التي خلعت عنها رغما عنها وعلى غفلة منها، حلب وحدها استأثرت بكامل حواسها في الحياة، لم تكن الخالة « أمينة» سوى مصادفة جاءت على هيئة صدمة، وكان عليها، من باب المجاملة وربما الإنسانية المحضة أن تستجيب لطلب امرأة على وشك الموت بالسفر إليها لعدة شهور، هذه الشهور لم تكن سوى خدعة مؤقّتة لإقامة على وشك أن تكون كورطة أبدية، فكل من هم في بلدها الأحب، حلب، يجبرها بالبقاء حيث هي في كنف أمانها، حيث المستقبل المشرق والحياة اليسيرة، حيث لم يجرؤ أحد على إبلاغها بحقيقة إبقائها حيث هي، كانوا فقط، يخبرونها بأن الأوضاع في حلب مدمّرة، والحياة فيها تكاد تكون مدمّرة، حلب مدينة الهجران والتلاشي، مدينة يهربون منها لا يعودون إليها.
لعل لقاءها القصير بخالتها أمينة في باريس جعلها تستعيد ترتيب العلاقات في نفسها، لتكتشف أن كل ما حولها هامشي ومؤقت سوى عودتها إلى حلب، هي الحقيقة الوحيدة التي لا تريد دحضها في قلبها وفكرها أيضا: « كما لو أن فرنسا هي المكان الطارئ، المؤقت، الإسعافي الذي جئت إليه وانتظر انتهاء الحرب لأغادره، فرنسا كلها الآن بالنسبة لي مجرد فندق أو مشفى أو جسر بين جبلين، محطة هنا انتظر فيها القطار الذاهب إلى بلدي هناك، انتظر أن تنزلق قدمي في كل محطة فرنسية، لتأخذني إلى حلب».
كان الشعور مضادا بالنسبة لخالتها أمينة، فهي كانت دائما تشعر أنها فرنسية، هويّتها وكيانها وكلّها: «أنا فرنسية، أشعر بهذا العمق، ويخيل إلي أحيانا، أن ثمة من سرقني من فرنسا وأخذني إلى سوريا، ثم استعدت حياتي الحقيقية حين غادرت».
أمينة يمكن تسميتها مفجِّرة الصدمات في الرواية، أولا ظهرت كخالة ثم كأم لسارة، شخصيتها تكاد تماثل ساره، كل العلاقات في حياتها كانت مجرد هوامش، سوى المسرح، المسرح وحده كان حبّ حياتها الحقيقي، لقد تنازلت عن حياتها في حلب، تنازلت عن ابنتها، عن كل شيء راسخ في سبيل عشقها الأوحد المسرح، ومن خلال شخصيات التي أدّتها على خشبتها كانت تعيش اكتمالها كامرأة استغنت عن كل شيء، كان هذه التمازج والتداخل في عديد من الشخصيات يكسر غربتها الداخلية، بل كان يشعرها بالثراء والافتتان دون أن يساورها أي إحساس يُنغّص عليها تكريس حياتها لفنّها، ولا حتى بالندم لتخليها عن ابنة من صلبها، خلفتها وراءها إلى ماض ما عاد يمتّ لها بصلة، لقد تجاوزت أزمتها، تجاوزت ذكرياتها، واستطاعت أن تؤثث ما أرادته من حياة يلائم شبقها وروحها المتمردة، كانت أمينة شخصية متفردة من نوعها وجديدة، خرجت عن طور التقليدية في بناء شخصيات النسوية في الروايات العربية، حتى أن القارئ يكاد يتصالح معها، دون أن يمسّها بالأنانية، دون أن يُؤلب مشاعره عليها، لقد انتصرت أمينة حقا حتى على قارئها ونجت من المحاسبة، هي وحدها التي اختارت الحياة التي تريدها وحلت محلها أختها «هدهد» لتكون أمينة أخرى في نظر أهل زوجها، لتكون الوليمة والضحية في آن على حساب مشاعرها: « أختي التي سرقت حياتي، لم أعش حياتي، عشت الحياة التي اختارتها أختي ثم تركتها، لم أختر حياتي: لا زوجي ولا أقاربه ولا حلب التي تركت دمشق بسببها »، حتى وليد الذي تزوجته في لحظة عبث ثم هجرته في لحظة مطاردة لأحلامها الخاصة عانى من مغبة هذا النفي الذي كان خارج إرادته، والنتيجة لهذا الزواج العبثي هو ساره التي كانت عليها أن تحمل عبء ما فعلته أمها أمينة التي نبذت أمومتها بها حدّ الهجران، كان عليها أن تتقبّل تقاطيع الحياة التي فرضها عليها وضعها الطارئ الذي صار مصيرا لا يمكن الفرار منه، كان عليها أن تواجه الصدمات تباعا ولوحدها خاضعة لاختبار صادم لاستعادة ذاتها المسلوبة، ذاتها التائهة، ذاتها المتشبثة بحلب: « كأنني في ورشة التكوين، أحاول أن أثبت ملامحي الجديدة، لكن كلما نظرت إلى نفسي تظهر القديمة، أنا سارتان أو ثلاث: سارة ابنة أمينة – سارة ابنة هدهد، سارة التي في باريس – سارة التي تريد أن تستسلم – سارة التي تريد أن تتمرد… ساره…».
كتابة الرواية بتقنية اليوميات كان ضرورة، لأن سارة كانت بحاجة إلى بوح شخصي، أن تستعيد من خلال فضفضتها الحميمة ثباتها الروحي الذي اختلّ على حين فجأة، توثيق المكان بالساعات والأيام كان حلّها الكفيل، كي لا تسقط في ثقب الغربة الممتد حولها بشدة !
اللغة المنولوجية التي سارت عليها ساره خرقت مسارها بأصوات بقية الشخصيات المتعددة في الرواية، لقد تحكمت الروائية « مها حسن » بشخصياتها بشكل فريد، ومنحت لكل منهم ومنهن، حيّزه الخاص من خصوصية البوح، لقد اقتسمت الحكايات بينهم بشكل يكاد أن يكون منصفا، كأن الأحداث صيغت بمكبّر صوت كبير، مرّر نفسه بانسيابية إلى كل شخصية في الحكاية، مراوغة بهدوء مثل صيّاد متمرّس، تركت لهم مساحة من الفردانية والاستقلال، فكل الشخصيات في الرواية لها مواقفها وبوحها، لها ما يشغلها وما يوتّرها.. ( أمينة، وليد، هدهد، سوسن، هالا، سناء، رولا، بوران، مُنية، نُزهة، عادل، شيماء، طارق، يان)، وحدها سارة كانت تراهم طريقها إلى مترو حلب.
« – ماذا تفعلين هنا وأنت ترتدين هذا الفراء الفاخر؟
– أنتظر المترو.
– لقد نزلت للتو منه.
– لم يكن المترو الذي أريد.
– أي مترو تريدين ؟
– مترو حلب.. ».
في النهاية حدث تصالح ما بين المكانين، ما بين حلب وباريس، يتوحد المكانان في قاعها كمصير مشترك « أحس بأنني أولد من جديد وقد وجدت الجواب على السؤال الذي شغلني: أين أعيش، في حلب أو في باريس ؟ لاختار العيش معا، لا نتقل بين الضفتين، كأنني أركب هذا المترو الباريسي الطويل، لأنزل منه في محطة حلب و أعود من جديد إلى باريس».
وصار الطريق إلى حلب مُمهّدا.