الصورة النمطية
لكل
منا قاموسه المعرفي، ومرجعيته الشخصية، وغالبا ما تكون ثمة قطيعة معرفية
مع الآخر، بسبب الاعتماد على الصور النمطية الجاهزة بأدمغتنا في تعريف
الآخر أولا.
العربمها حسن [نشر في 2014\05\13]
يتحدث إيريك فروم في كتابه عن “الروائز”، هذه المفردة التي
يعتمد عليها علم النفس كثيرا في تجميع عدد من المفردات، وجعل أنه ثمة مرادف
لها في اللاوعي. في “تفسير الأحلام” ، بحيث تدل المفردة على الحالة، وكذلك
هناك لدى الوجوديين حالات مماثلة، ولديهم قاموسهم الوجودي، مع اختلاف عميق
وجوهري في التعامل الذهني والواعي مع المفردة. هذه مقدمة فقط للقول بأننا
نستخدم، دون وعي أحيانا، قواميس جاهزة في التعرف على العالم، وأحيانا، بل
غالبا، نظلم الحالات الجديدة أو الأشخاص أو المستجدات التي لم تُبرمــج
داخل قواميسنا المعرفية الذاتية.
لكل منا قاموسه المعرفي،
ومرجعيته الشخصية، وغالبا ما تكون ثمة قطيعة معرفية مع الآخر، بسبب
الاعتماد على الصور النمطية الجاهزة بأدمغتنا في تعريف الآخر أولا، ثم
تجهيز هذه الصورة، وقلبها نحو الخارج، بحيث تكون بمثابة تعريف نعتقد بأنه
معرفة الآخر. من هذه القواميس الجاهزة، الرأي في الفرد الآخر، وفق دلالات
الجماعة.
هناك أفراد بل وجماعات، رهائن رأي الآخر الجماعي
بهم، الخاطئ غالبا، والنمطي، الذي تشكّله تجارب صغيرة لا يمكن تعميمها، أو
الإعلام، الذي يهدف إلى زرع التعميم وقتل التفاوت الذي يعني التفرّد
والتمايز والخصوبة البشرية.
في صالة الانتظار أثناء موعدي
الطبي، كنا مجموعة نساء ورجال، سيدة شقراء ترتدي “ميني جوب”، تلف ساقا فوق
أخرى، وتقرأ في كتاب فرنسي، إلى جوارها سيدة محجبة من أصول عربية، تقرأ
مجلة بالفرنسية، مقابلهما رجل مسنّ من أصول عربية، يقرأ في القرآن بصمت،
وإلى جواري جلست سيدة كبيرة بالعمر، هي زوجة ذلك العجوز، ترتدي الزي
المغربي المحلي، الإيشارب الملون، وثوبا طويلا، وثمة شاب أبيض، لا يدل
مظهره على أصوله، يعبث بجهاز الهاتف، يرسل الرسائل ويستقبلها مستغرقا في
عالمه، بينما جلست أنا أقرأ في رواية عربية.
السيدة
العجوز بجواري، كانت تحاول التلصص على صفحات كتابي، وهي لا تفهم ماذا أقرأ،
لاحظت الدهشة ذاتها في عيون السيدة المحجبة التي تقرأ بالفرنسية، وبطريقتي
التلصصية في دماغ الآخر، كنت أقرأ تساؤلاتهم، حول أصولي، أنا المرأة
السمراء بلون لا يشي بأصول عربية مغربية، لكنني أقرأ بالعربية، كما أن عمري
لا يوحي بأنني طالبة، مجبرة على القراءة بهذه اللغة، لتحسين وضعي الدراسي.
كل
منا، يحمل صورة نمطية عن الآخر؟ أنا لا أشبه المغربيات، كما أنني لا أشبه
الفرنسيات؟ فالمغربيات عامة يتقنّ الفرنسية حيث أن بلادهن فرانكفونية، ولا
أبدو بلكنتي الفاضحة بأنني فرنسية أو عربية تتحدث الفرنسية، من أنا إذن
برأي الآخر؟