samedi 14 novembre 2015
vendredi 13 novembre 2015
مها حسن: الروائي كعامل المنجم لا تكفيه حياة واحدة
أوس يعقوب
|
||||||||||||||||||||
العرب أوس يعقوب [نُشر في 13/11/2015، العدد: 10096، ص(15)] | ||||||||||||||||||||
ولدت مها
حسن بحلب في شهر ديسمبر عام 1966 في أسرة كردية بسيطة. ولما أنهت المراحل
الدراسية الأساسية التحقت بجامعة حلب لدراسة الحقوق، فحصلت على الإجازة
فيها.
وفي منتصف عقد التسعينات، حين كانت في التاسعة
والعشرين من عمرها، أنهت كتابة روايتها الأولى “اللامتناهي – سيرة الآخر”،
لتنشر بعد ذلك سبع روايات، هي: “لوحة الغلاف: جدران الخيبة أعلى” (2002)،
“تراتيل العدم” (2009)، “حبل سري” (2010)، “بنات البراري” (2011)، “طبول
الحب” (2012)، و”الراويات” (2014)، وأخيرا “نفق الوجود” التي صدرت العام
الماضي في لبنان. وقد وصلت مها حسن إلى القائمة الطويلة لـ”جائزة بوكر”
العربية مرتين، 2011 و2015، بروايتيها “حبل سري” و”الراويات”.
خلقت لأروي
نساء كرديات وعربيات وتركمانيات، منحن الكاتبة الانفتاح على الآخر، وعلى السرد، لهذا تتسم كتاباتها بالتجريبية
تبدأ
“حسن” روايتها الأخيرة “الراويات” بجملة “خلقت لأروي” واصفة نفسها
بـ”الآلة الكاتبة”، وكأن الكتابة حياة أخرى تعيشها. وتعلق على ذلك بالقول:
الكتابة هي الحياة الحقيقية بالنسبة إليّ. حين أقيّم نهاري وأحصي أعمالي
وأنشطتي، أجد أنني أمضي أغلب ساعاتي بالعمل في القراءة أو الكتابة.
مع
تقدم العمر تصبح الحاجة إلى ساعات الكتابة أكثر إلحاحا، كأن أحدنا يخاف أن
يباغته الموت دون أن ينهي ما يريد، بل وكأنه من المهم أن ينهي بعضا مما
لديه قبل الموت. هي معادلة معقّدة، ولكنها الإحساس الوجودي الوحيد الذي
يمنح الكاتب شرعية حياته، أو هكذا هي حالتي.
نسأل ضيفتنا إن
كانت قد كتبت روايتها التي تريد، بعد ثماني روايات صدرت لها حتى اليوم،
فتقول: لماذا يجب أن تكون هناك رواية واحدة تعبّر عن حلمي وتوقي الروائي؟
هذا المفهوم “الرواية التي أريد”، فيه حصر وتضييق على الإبداع. وقد ورد في
مقدمة روايتي “الراويات”: إن حياة واحدة لا تكفي الروائي. وقارنت حياة
الروائي بعمال المناجم قائلة: حياة الروائي، كعمال المناجم، يشتغل لسنوات،
ويموت قبل أن يكمل مشروعه.
الرواية والحرية
عن
مدى إمكانية انفتاحها على أجناس أدبية أخرى وطرق أبواب تعبير مغايرة، بعد
أن كتبت القصة إلى جانب كتابتها الرواية. تقول حسن: أنا في الوقت الحالي،
منشغلة أكثر بهاجسي الروائي، فالرواية في حد ذاتها لم تعد جنسا أدبيا
منغلقا، ومن الممكن ضمن الرواية أن نبتكر أساليب جديدة، وما ذكره إدوار
الخراط حول الكتابة عبر النوعية، لا يزال قابلا للتفعيل، أنا مع الذهاب إلى
توليد أجناس فرعية داخل الرواية ذاتها. أكثر من الذهاب إلى أجناس أخرى،
مثلا، أحلم ذات يوم بكتابة تدمج تقنية السينما بالرواية.
حول
كتابتها عن أمكنة وآلام وأوجاع بلدها وهي بعيدة عنه، تتساءل الكاتبة: من
قال إنني بعيدة؟ وتضيف: سبق أن كتبت مقالا عنونته بـ”خيانة المكان”، حيث
أعيش جسديا في باريس، ونفسيا في سوريا. حين أنام، أجدني دائما في سوريا. إن
وعيي لا يزال في سوريا. أتحدث يوميا عبر الهاتف مع سوريا، ألتقي بالسوريين
في عدة مدن من العالم، وسوريا معي، ومقياس العلاقة مع المكان ليس فقط عبر
التواجد الفيزيائي.
وعن مدى أثر تواجدها في بلد غربي
كفرنسا على أعمالها الروائية، تشير ضيفتنا إلى أن الحرية ليست كلمة عادية،
بل هي مفهوم دقيق للعيش، وهي تحظى بالحرية في هذا المكان، ما يساعدها على
التفعيل اليومي للكثير من الحالات الداخلية والأفكار والمشاعر،
والمـــــراجعة اليومية للذات، للتاريخ، للعلاقة مع الكتابة، وللمساءلة.
وكل هذه التفاصيل، يتيح المكان الفرنسي محاكاتها ونبشها؛ فالحرية التي تنعم
بها الكاتبة، تخلّص كتابتها وتنقّيها وتجعلها طازجة خارجة من حاسوبها إلى
القارئ، دون الغربلة الرقابية، التي يمارسها الكاتب نفسه على نفسه في كثير
من الأحيان.
وبسؤالها عن معنى قولها في روايتها “حبل سري”
إن “المستقبل للرواية المشرقية”، توضح مها حسن قائلة: كانت صوفي (بطلة
الرواية) متيقنة إلى درجة الإيمان المطلق، بأن مستقبل الرواية سوف يقفز من
الشرق، فهاهو كويللو، الذي تحبه وتغار منه أيضا، قد وضع كل سحره الروائي،
في أرض مصر، وقطع طريق الرواية، ذاهبا إلى الأهرامات.
الحرية التي تنعم بها الكاتبة، تخلص كتابتها وتنقّيها وتجعلها طازجة خارجة من حاسوبها إلى القارئ دون غربلة رقابية
كانت
صوفي تتنبأ أن مستقبل الرواية، هو للمرأة القادمة من الشرق، لأن الرواية
مهارة نسوية، هكذا فكرت هي، فكتابة الرواية تحتاج لمهارة امرأة تجيد
التفاصيل، لكن “لماذا الرجال فقط هم مشاهير الرواية؟” فكرت لحظتها، الرواية
دقة وبناء وصبر ومتعة سرد، كل هذا تجيده المرأة، وتجيده المرأة الشرقية
أكثر من غيرها، فهي موغلة في ثنايا الروح، والرواية روح.
أبناء الذاكرة
وننتقل
مع حسن إلى ذكريات الطفولة لتحدثنا عن الجدة والعمة الكرديتين والأم
المولودة من أم عربية وأب كردي، وعن الأثر الذي تركنه في نفسها، تقول
ضيفتنا: إذا أضفنا إلى صورة المرأة الحكواتية الشفهية، التي منح أغلبنا،
نحن كتّاب المنطقة هذه النماذج في طفولتنا، فإن نوعية الحكايات هنا هي
التفصيل الجديد.
من جدتي الكردية وجدتي
العربية استطعت خلق مزيج سردي يثري كتابتي. هؤلاء النساء، كرديات وعربيات
وتركمانيات، منحنني الانفتاح على الآخر، الانفتاح على السرد، لهذا تتسم
كتابتي بالتجريبية كما أظن.
وتتابع حسن حديثها عن البيئات
الثقافية التي ولدت وعاشت فيها، فهي التي عاشت بين ثقافات ثلاث؛ العربية
والفرنسية اللتين تكتب بهما، والكردية التي تنتمي إليها، وعن مدى تأثير هذه
الثقافات على تجربتها الأدبية. تقول: سبق لي أن كتبت عن تعدد الهويات
المثري.
أعتقد
أنني منحت هذه التعددية، أن أكتب بالعربية، وأعيش في فرنسا، وأستمد
حكاياتي من ذاكرتي المتشابكة والمروية من عدة ينابيع، وأشتغل عليها في
فرنسا. هذه مزايا وهبتني إياها الحياة، حررتني من النظرة الأحادية أو السرد
الضيّق، كما أظن.
وعما إذا كان لقوميتها الكردية تأثير على
مواقفها من مجريات الأوضاع في سوريا كما يشير البعض. تؤكد الكاتبة أن ذلك
مجانب للحقيقة. وتوضح: الكاتب ينتمي دون جدال إلى الأطراف الضعيفة. لهذا
ربما نكتب، لنكون صوت الهامش ولنقف مع المظلومين.
وقوفي
إلى جانب الشعب السوري لا يتطلب مني أن أنتمي إلى فريق أو قومية أو أمة،
حتى لو لم أكن سورية، لانحزت دون تردد إلى حراك الشعب السوري، الحراك
الأخلاقي المشروع دون جدال.
تعتبر مها حسن أن تاريخ المرأة لا
يزال يمثل “التابو الكبير”، وأنه إحدى حالات إلهامها، وتجزم الكاتبة بمدى
تمكنها من اختراق هذا “التابو”، لكنها تؤكد على محاولتها الدائمة في سبيل
ذلك.
وترى حسن أن الكثير من الأصوات النسائية تفوقت على
الكتابة الروائية لدى الرجل في بعض الزوايا والخصوصيات، وهو ما دعانا إلى
سؤالها عن موقفها من مصطلح “الكتابة النسائية” أو “الأدب النسائي”، لتشير
إلى أن هناك فعلا أسماء كاتبات تفوقن في أعمالهن على كتابة الرجل، مؤكدة
أنها ليست أبدا مع مصطلحات تفصل الإبداع وتصنّفه وفق صاحبه.
وعن
رأيها في تصنيف النقاد بأن رواياتها “نسوية بامتياز”، تقول ضيفتنا: لا
أعرف ما المقصود بأن رواياتي “نسوية”، ولا يمكنني الاعتراض، هي وجهات نظر
قابلة دائما لتأويلات عديدة.
وحول رأيها في الجوائز
الأدبية، ومدى إسهامها في صناعة الروائي وتطوير تجربته وترويج اسمه، تبين
الكاتبة أنه لا يمكن للجوائز صناعة مبدع، لكنها تروّج للكاتب دون شك،
وتساعد على إيصال كتابته إلى شرائح أوسع من القراء.
الكتابة والثورة
مع تقدم العمر تصبح الحاجة إلى ساعات الكتابة أكثر إلحاحا، كأن أحدنا يخاف أن يباغته الموت دون أن ينهي ما يريد
وننتقل
مع محاورتنا للحديث عن الثورة السورية، وهي التي رأت في روايتها “طبول
الحب” أنها وثّقت الثورة بنبلها وإنسانيتها، قبل أن تحوّل بجهود السياسيين،
سواء من النظام، أو من قوى إقليمية أو من أطراف معارضة، أو من جهات
عالمية، إلى عمل مسلح ثم إلى فوضى يصعب فهمها.
فنسألها
هل مازالت على رأيها في إمكانية الحديث عن ثورة شعب في بلد تحول إلى
مقاطعات مسلحة؟ فتجيبنا: أعتقد أن الثورة مفهوم شاسع يصعب إنجازه وحصره في
دائرة زمنية.
أنا وفية لذكرى الأشخاص الذين
ماتوا من أجل الثورة، أولئك الأبطال الذين حلموا بحياة عادلة وكريمة
للسوريين، ومع أن العالم تآمر على الثورة، وأصبحت سوريا اليوم، مقاطعات
مسلحة، لكن هذا لا ينفي أن التاريخ يتغير، وأنا مؤمنة بأن سوريا ذات يوم
ستكون مكانا آمنا وديمقراطيا، لكن هذا سيطول، وقد لا يعيشه جيلنا، ولكنني
أثق في الجيل القادم، الذي يهجّر قسم كبير منه، والآن يعيش ثقافة جديدة،
سيفهم ويحلل لماذا غادر وقُلع من جذوره هناك.
تضيف: سيكون
هناك جيل متعدد الانتماءات، سيتعلم الانفتاح من الأرض الجديدة التي يعيش
عليها، من اللغة الجديدة، سيكون جيلا خارقا مؤمنا بالعدالة، جيل كهذا لن
يضيّع سوريا. هذا ما أشعر به اليوم وأنا أرى مئات الأطفال يذهبون إلى عالم
أكثر أمانا لهم. ذات يوم، سيعودون، سيعودون أقوى وأكثر وعيا وفي ظروف أفضل
من آبائهم.
وعن
اعتقادها هل أنه من المبكر كتابة رواية عما يحدث في سوريا، تقول محدثتنا:
لا أتفق مع الرأي العام المؤثّم للكتابة أثناء الحدث، وقد سبق لي أن شاركت
بورقة عمل في جامعة بروكسل، حول “تجريم الكتابة” أثناء الحدث.
لقد
صدرت “طبول الحب” بعد السنة الأولى للثورة، إذا فكرت اليوم، أو حتى قبل
سنة أو سنتين، بالكتابة عن الثورة، فلن أستطيع، بسبب التفرّعات الهائلة
والانقسامات التي أصابت الثورة. إن قيامي بتدوين الحدث في سنته الأولى، أمر
لا أندم عليه، لأنني فعلا لا يمكنني اليوم فعل هذا.
ربما
انعكاس المنفى والشتات على نتاج مها الحسن الأدبي، وتؤكد هي نفسها ذلك،
لكنها تلفت إلى أن انعكاس المنفى كان بطريقة إيجابية، أما لفظة الشتات فهي
لا تؤمن بها، خاصة بعد الهجرة السورية الهائلة.
اليوم
في باريس، حيث تقيم، تلتقي بسوريين أكثر مما تلتقي بفرنسيين. فلم يعد
الكلام اليوم عن المنفى كما كان قبل خمس سنوات. فاليوم العالم مفتوح على
بعضه، وهناك سوريون في كل بلد في العالم، وهذا يثري الفن والكتابة ويكسر
الانغلاق سواء الثقافي أو الاجتماعي.
وبالانتقال إلى الحديث
عن وقع رواياتها في بلدها، وفي الوطن العربي تؤكد حسن أن ما حدث لها هو
أنها عرفت في البلاد العربية قبل سوريا، في المغرب أولا، ثم في مصر.
أما
عن وقع رواياتها فهذا أمر لا يستطيع الكاتب تحديده، في رأيها، فهو لا يعرف
تماما قرّاءه. فأن يتصل بالكاتب أو يكتب له أو عنه بعض القراء، لا يعني
أبدا أنه عُثر على “أثر الكتابة”، بل على العكس، تعتبر حسن أن هناك قراء
مجهولين لا نعرف عنهم شيئا، يعرفون عن الكتّاب كل شيء، لقد اكتشفت بعضهم
بالصدفة عبر المنتديات الأدبية، وهناك مجموعات نشأت على الإنترنت، وبأسماء
وهمية غالبا، متكونة من أشخاص يقرأون بعناية ويتابعون بجدية، ولا يوجد أيّ
نوع من أنواع التواصل بينهم وبين الكاتب.
|
Le secret du roman
[Par Maha HASSAN]
[Par Maha HASSAN]
[Par Maha HASSAN]
Est-ce le
hasard si la Maison des journalistes est la dernière adresse que j’ai vue avant
de quitter Paris ? Ou est-ce un hasard objectif, comme l’appelait André Breton,
comme en un roman qui me pousse à écrire ce qui suit avant de quitter Paris ?
Quand je
suis arrivée à Paris pour la première fois, j’ai eu la chance d’être logée à la
MDJ au bout de quatre mois de mon séjour parisien.
Quand je suis arrivée, également pour la première fois dans le quinzième arrondissement et que je suis descendue au métro Javel, j’ai presque poussé un cri de surprise en regardant le Pont Mirabeau.
En Syrie, sans connaître ce pont, sauf par le poème d’Apollinaire, mon premier roman commence par la chanson que mon héros écoutait : « Sous le pont Mirabeau coule la Seine… ».
J’ai publié mon premier roman, L’infini, en 1995, et me retrouve dix ans après à côté du Pont Mirabeau.
Et voilà, dix ans encore après mon arrivée à la MDJ, je prépare mon départ de Paris. Le secret du roman me pousse encore une fois vers la Maison des journalistes, comme s’il me fallait dire au revoir au Pont Mirabeau où coule la Seine.
Un ami romancier et journaliste qui a quitté son pays en fuyant la guerre et les menaces des djihadistes arrive à Paris une semaine avant mon départ.
J’ai contacté Darline, la directrice de la Maison, pour prendre un rendez-vous pour cet ami ; Darline me donne aussitôt une date, serrée, un jour juste avant mon départ.
Je vais avec mon ami pour le présenter à la MDJ et chercher son soutien. On passe devant le Pont Mirabeau comme si je le faisais il y a dix ans, comme si ces dix ans ne s’étaient pas écoulés.
Depuis la Syrie en 1995, à Paris en 2005 puis en 2015, le Pont Mirabeau m’accompagne.
Ce n’est donc pas le hasard qui me ramenait à la MDJ un jour avant de quitter Paris, mais le roman. Le roman qui a créé un lien secret entre le Pont Mirabeau, mon roman et le roman de mon ami, pour lequel je suis allée à la MDJ.
Quand je suis arrivée, également pour la première fois dans le quinzième arrondissement et que je suis descendue au métro Javel, j’ai presque poussé un cri de surprise en regardant le Pont Mirabeau.
En Syrie, sans connaître ce pont, sauf par le poème d’Apollinaire, mon premier roman commence par la chanson que mon héros écoutait : « Sous le pont Mirabeau coule la Seine… ».
J’ai publié mon premier roman, L’infini, en 1995, et me retrouve dix ans après à côté du Pont Mirabeau.
Et voilà, dix ans encore après mon arrivée à la MDJ, je prépare mon départ de Paris. Le secret du roman me pousse encore une fois vers la Maison des journalistes, comme s’il me fallait dire au revoir au Pont Mirabeau où coule la Seine.
Un ami romancier et journaliste qui a quitté son pays en fuyant la guerre et les menaces des djihadistes arrive à Paris une semaine avant mon départ.
J’ai contacté Darline, la directrice de la Maison, pour prendre un rendez-vous pour cet ami ; Darline me donne aussitôt une date, serrée, un jour juste avant mon départ.
Je vais avec mon ami pour le présenter à la MDJ et chercher son soutien. On passe devant le Pont Mirabeau comme si je le faisais il y a dix ans, comme si ces dix ans ne s’étaient pas écoulés.
Depuis la Syrie en 1995, à Paris en 2005 puis en 2015, le Pont Mirabeau m’accompagne.
Ce n’est donc pas le hasard qui me ramenait à la MDJ un jour avant de quitter Paris, mais le roman. Le roman qui a créé un lien secret entre le Pont Mirabeau, mon roman et le roman de mon ami, pour lequel je suis allée à la MDJ.
Aujourd’hui,
une semaine est passée… Je suis dans mon nouvel exil, mon deuxième exil. Mon
ami vient de m’appeler pour m’annoncer que Frédéric (qui travaille à la MDJ)
lui avait trouvé une chambre pour demain. Il pourra ainsi commencer son nouveau
chemin à Paris, celui que j’ai moi-même terminé.
Mon ami dont je ne veux pas dévoiler le nom, va mettre à son tour, les pieds sur le chemin de son premier exil, alors que moi, en même temps, je m’engage dans mon second exil.
Entre ces exils, entre Paris et la Bretagne, la seule différence, la grande différence est que je sens naturellement que je suis chez moi à Morlaix, où le sentiment d’exil se confond avec la sensation d’être chez moi. J’en suis à penser que le secret du roman c’est vivre toujours en exil, même si on vivait dans son pays natal. L’écriture même est un acte d’exil. On se déplace entre réalité et fiction.
Finalement, la sécurité de l’exil français est indispensable pour les journalistes et écrivains- journalistes pour vivre leur exil intime, l’exil intérieur. Sans la sécurité de l’exil extérieur nous ne pouvons pas écrire et nous déplacer dans le grand terrain de l’exil choisi.
La Maison des journalistes est un grand pas pour trouver cette sécurité recherchée et pour y vivre tranquillement notre exil.
Mon ami dont je ne veux pas dévoiler le nom, va mettre à son tour, les pieds sur le chemin de son premier exil, alors que moi, en même temps, je m’engage dans mon second exil.
Entre ces exils, entre Paris et la Bretagne, la seule différence, la grande différence est que je sens naturellement que je suis chez moi à Morlaix, où le sentiment d’exil se confond avec la sensation d’être chez moi. J’en suis à penser que le secret du roman c’est vivre toujours en exil, même si on vivait dans son pays natal. L’écriture même est un acte d’exil. On se déplace entre réalité et fiction.
Finalement, la sécurité de l’exil français est indispensable pour les journalistes et écrivains- journalistes pour vivre leur exil intime, l’exil intérieur. Sans la sécurité de l’exil extérieur nous ne pouvons pas écrire et nous déplacer dans le grand terrain de l’exil choisi.
La Maison des journalistes est un grand pas pour trouver cette sécurité recherchée et pour y vivre tranquillement notre exil.
lundi 21 septembre 2015
مها حسن: ولدتُ لأروي
مها حسن: ولدتُ لأروي
- السبت, 12 سبتمبر 2015 23:11
- يكتبه: عماد فؤاد
ولدت فراشتنا في مدينة حلب السورية في شهر ديسمبر/ كانون الأول سنة 1966، المدينة التي دمرتها الحرب العبثية الدائرة هناك منذ ما يزيد على أربعة أعوام، والتي بمجرد ذكر اسمها تعتري فراشتنا رعدة بسبب المصير الذي شهدته مدينتها الأثيرة، ولدت في أسرة كردية بسيطة، محاطة بنساء العائلة الكبيرة اللواتي علمنها فنون الحكي والحكايات والأساطير، ومنذ الصغر عرفت أنها وقعت في غرام الحكايات التي كانت تطاردها في الليالي الطويلة من السهر.أنهت مراحلها الدراسية الأساسية والتحقت بجامعة حلب لدراسة الحقوق وحصلت على إجازة فيها، وفي منتصف عقد التسعينيات كانت قد انتهت من كتابة روايتها الأولى «اللامتناهي ـ سيرة الآخر» والتي صدرت عن دار الحوار السورية سنة 1995، ولم تحظ الرواية باهتمام وقت صدورها، ما ترك أثراً سيئاً في نفس فراشتنا، وجعلها تتوقف بعض الوقت عن الكتابة حتى جاءت روايتها الثانية «لوحة الغلاف ـ جدران الخيبة أعلى» (2002) بعد ذلك بسبع سنوات، ثم تتابعت رواياتها حتى وصلت اليوم إلى ثماني روايات هي: «تراتيل العدم» (2009)، «حبل سُرّي» (2010، اللائحة الطويلة لجائزة البوكر للرواية العربية)، «بنات البراري» (2011)، «طبول الحب» رواية، (2013)، «الراويات» (2014، اللائحة الطويلة لجائزة البوكر للرواية العربية)، وأخيراً روايتها «نفق الوجود» (2014) والتي صدرت عن دار رياض الريّس في لبنان، فراشتنا اليوم هي الروائية السورية الكردية مها حسن، والتي تعيش منذ اثني عشر عاماً في العاصمة الفرنسية باريس.
ولأن المشوار الذي قطعته مها حسن مع الكتابة الروائية طويل وحافل بالعديد من الأعمال التي حققت الكثير من الانتشار لاسمها، أردت أن أسألها عن بدايتها مع الكتابة فقالت: «خُلقت لأروي. لا أذكر كيف نشأت علاقتي مع الكتابة، أعتقد أنني وُلدت في وسط حكّاء تديره النساء على الأغلب، كانت أمي تقرأ فنجان القهوة كحارسة للميتافيزيقا، نشأتي كانت أسطورية فكان أبي وجدتي يحكيان لي قصص الجن والخرافات المنتشرة في المنطقة، ثم جاءت الآيديولوجيا باكراً فأخذتني السياسة إلى القراءة، من هنا عشت انقساماتي بين الميتافيزيقا والآيديولوجيا، لأجدهما معاً عبر الفلسفة، وخاصة المدارس التي اهتمت بالإنسان داخل المجتمع، ثم نزحت صوب الفرد واكتشفت الوجودية، إلى أن وجدت نفسي في الكتابة، فرحت أسرد عوالمي تلك، كأن الكتابة كانت عبارة عن تعرّفي إليَّ وإلى العالم عبر الذاكرة، حتى اليوم أكتشف تفاصيل غابت عني في طفولتي وأوظّفها في الكتابة، ربما أهم المحطات التي أوصلتني إلى ما أنا عليه هو حرصي على الطفولة بداخلي، الكتابة من مكان الدهشة، الجرأة غير القصدية، باختصار: الصدق».
ولأن أول أعمال مها حسن صدرت قبل عشرين عاماً من الآن، حين كانت في التاسعة والعشرين من عمرها، سألتها حول ملابسات كتابتها لهذه الرواية وكيف صدرت، فأجابتني: «روايتي الأولى كان عنوانها «اللا متناهي»، نشرتها حيث لم تكن دور النشر آنذاك قد أدخلت المعلوماتية، أرسلت مخطوطها مكتوباً بخط اليد وتم طبعه عبر الآلة الكاتبة، هذه الرواية لم تأخذ حقها ربما لأنني كنت صغيرة، والثقافة العربية لا تمنح الاعتراف لكتاب ناشئين، أحلم دوماً بإعادة طباعتها، فكما يتضح من عنوانها تأثري وقتها بالفلسفة، حيث سردت شخصية بطلي أدهم بن ورقة عبر عدة ولادات تتم له، وفي كل ولادة يحمل أدهم شخصية مختلفة، كنت مهووسة بالتنوع داخل الفرد الواحد، ومازلت مؤمنة بهذا التنوع والكثرة في الشخصيات داخل كل منّا، لم تلق روايتي ما تستحق من اهتمام، فالتجريبية تتطلب جرأة وربما بعض الخبرات، لكنني خرجت بأول عمل، بكتاب غير تقليدي، واحتجت سنوات طويلة لأجعل الآخر يعترف بمشروعي الروائي، وأن (اللامتناهي) لم تكن نزوة وصرعة تجريبية».
غزارة إنتاج مها حسن من الأعمال الروائية مقارنة بكثيرات من بنات جيلها جعلتني أسألها حول تعاملها مع طقس الكتابة، فقالت: «أنا مهووسة بالكتابة، حين لا أكتب فأنا أكتب، حين أصمت وأشرد فإنني أكون مستغرقة في شخوصي، أبحث عن حيواتهم وتفاصيلهم، أكتب في كل مكان؛ على الورق، على هاتفي في الطريق، على فواتير المقاهي، دائماً محاطة بشخوصي، وتحدثت عن هذه التجربة في روايتي «الراويات»، أنا مسكونة بعوالم وبشر، أكتب قبل أن أموت وتموت شخوصي معي».
عانت مها حسن طويلاً قبل خروجها من سوريا، وتعاني اليوم مثلها مثل ملايين من السوريين من المصير الذي أحاق ببلدها وشعبها، وهي أيضاً واحدة من الكتاب السوريين القلائل الذين كتبوا روائياً عن الثورة السورية، وهو ما توضحه قائلة: «في روايتي «طبول الحب» غامرت بالكتابة عن الثورة السورية وقدمت شهادتي عنها؛ الكتابة في زمن الحرب ومخاطرها الفنية، لكنني كنت تحت وطأة ضرورة التعبير عن الحدث طازجاً، بسبب تعقد الوضع في سورية والانتقالات الحادة التي تعرضت لها الثورة، تلك التي خرجت سلمية وحالمة ووردية ثم أقحم فيها السلاح والدم، حتى انقلب الحلم الثوري الجمالي النبيل المتمثل في العدالة والحرية والمساواة إلى خطر يهدد ليس سورية فقط، بل العالم أجمع، أحاول ككاتبة التعبير عن الطرف الضعيف دوماً في المعادلة، النساء مثلاً، الأشخاص الذين ليست لديهم خيارات ويدفعون الثمن، وقد دفعوه قبلاً».
اختارت مها حسن فرنسا لتكون منفى اختيارياً لها قبل عدة سنوات، وعن هذا تقول: «فرنسا اليوم هي وطني، هي الأمان والحرية، كتبت أهم أعمالي في فرنسا بسبب ترف الحرية الكبير الذي أتمتع به، ومتزوجة بفرنسي أتاح لي هو أيضاً الكثير من المناسبات الإنسانية للتعرف إلى حريتي واختبارها، أن تولد في بيئة قامعة ومؤثّمة للحرية ليس سهلاً، تخاف من أي اختيار حر لك يتعارض مع الآخر، وتشعر بالذنب، عبر زوجي فيليب تعلمت ممارسة حريتي بحب، فأن أكون أنا لا يعني أنني ضد خيار الآخر المختلف عني، نستطيع أن نختلف ونبقى معاً بحب واحترام، فرنسا غيّرت لي إذاً شكل العقد الاجتماعي، وحررتني من الإذعان والسلطة».
نهاية أسأل مها حسن عما إذا كانت راضية عن المكانة التي وصلت إليها اليوم على خريطة الرواية العربية، فتقول: «راضية إلى حد كبير بل ومحظوطة أن أعمالي وصلت إلى القراء العرب أكثر من السوريين، أعتقد أن المثابرة وامتلاك أحدنا لمشروع جاد، تجعله مسموعاً أو مقروءاً مع الأيام، أي أن الوصول إلى القارئ لا يأتي دفعة واحدة، إنه أيضا اشتغال، القارئ ذكي جداً خاصة في زمن الوفرة، يستطيع أن يهملك أو يكتشفك، عليك إذاً خلق صيغة العلاقة التشاركية معه، فكلنا في نهاية الأمر نكتب من أجل هذا القارئ».
dimanche 26 avril 2015
Syrian novel expresses distrust of storytelling
Syrian novel expresses distrust of storytelling
Al-RawiyatMaha Hassan
Dar Al-Tanweer, 192 pages
Beirut, 2014 London, Asharq Al-Awsat—
Al-Mustafa Najjar
In her most recent novel, Al-Rawiyat (Female Narrators), published last year, Syrian novelist Maha Hassan explores the esoteric realms of oral and written storytelling through a set of female characters, who are not necessarily connected, but are all obsessed with the art of narration.
From the book’s dedication to the unpublished “female raconteurs [who] . . . lived and died in darkness” to the last sentence highlighting the “emancipatory” powers of writing, a celebratory, almost naive tone dominates the novel.
The first narrator, Abbadon, says she lives two lives: A superficial, “typical” one concerned with the satisfaction of mundane day-to-day needs, and a “rich and dense” one centering on fiction writing. “[I was] born to tell tales,” she says, echoing the title of Gabriel Garcia Marquez’s memoir.
“Telling tales is the only entertainment and pastime she has to pass the days in peace,” the narrator says. Even when someone steals the manuscript of her debut novel and publishes it under their name, she does not seem too bothered.
“What’s the harm? What is important is that my characters have a chance to come out to the world, that tales come out for people to read. What is important is the novel not the novelist.”
Rama, the last of the narrators, lives in a parallel, imaginary world, overflowing with fictional characters. Concerned about Rama’s sanity, her mother tries to “suppress” her imagination by exhausting her with all sorts of physical activities. Rama, who was born in India, inherited from her grandmother “the magical ability to tell stories.” Compared to her peers who find in bedtime stories a passageway to sleep, Rama waits for her grandmother to end the story so that she can deconstruct and reconstruct it from scratch. When she grows up, her relationship with her husband reaches a dead-end when she confesses to him that “the only moment I feel ecstasy that resembles orgasm is when I tell tales.”
There are many similarities between these two narrators: both derive sexual pleasure out of storytelling. Abbadon says: “A sexual energy is generated inside me when I write.” But it would be a mistake to think that this is what Al-Rawiyat is all about, that the female protagonists are the 21st century version of Scheherazade, who tamed Shahryar after One Thousand and One Nights of storytelling. Al-Rawiyat is deeper than just a cry against patriarchy, or a manifesto calling for a feminist revolution. Beneath the bluntly “revolutionary” surface of the novel, there is a complex narrative structure threatening to subvert it.
Each of the book’s stories culminates with a twist in the plot that contradicts the narrator’s expectations and thus raises questions about their credibility and familiarity with the stories they tell. While Abbadon finds in Sabato the man of her dreams who does everything in his power to help her write her first novel, we discover at the end of their story that he has been using her for purely utilitarian purposes.
The same is also true of Rama, who realises—albeit too late—that Aravind, the musician whom she thought would liberate her repressed soul, is nothing but “an idiot who lacks imagination.”
“To tell a story is to claim a certain authority, which listeners grant,” writes American critic Jonathan D. Culler in his Literary Theory. Faced with the narrators’ celebratory tone about the ability of storytelling to undermine patriarchy, readers have no choice but to take what they say at face value, and thus submit to their narrative authority.
However, following the disappointments the characters/narrators face, we start to doubt that they are worthy of our trust. The dramatic twists in the novel implicitly raise questions about the credibility of the narration and whether or not the narrator deserves the authority that the reader grants. Unlike One Thousand and One Nights, which highlights Scheherazade’s mastery of the art of storytelling, Al-Rawiyat sheds light on the narrators’ failure to have control over the stories they tell. The novel does exactly the opposite of what it preaches. Hassan’s female narrators give a fake impression of Scheherazade.
In what seems to be a diversion from the plot, Alice—a PhD candidate in “philosophy and its relation to art,”—visits Cairo, having been “possessed with the spirit of Pharaohs.” The chapter overflows with references to the success of the Arab Spring in Egypt. Alice says she “has trust in the Egyptian people. Those who toppled Mubarak are capable of toppling the Muslim Brotherhood, and will not accept a new dictatorship.”
For all the failure that the Arab Spring has proved to be, such remarks—which we now find as either cynical or naïve—are said by Alice with the utmost seriousness. Based on what has been written about Al-Rawiyat in the Arab press, there seems to be a consensus about the chapter’s irrelevance to the rest of the novel. In fact, the chapter is highly significant in that it underlines the discrepancy between reality and narration.
Alice, the narrator, is merely offering her “narrative” of the Arab Spring, which stands in stark contrast to reality.
We all heard about the events in Tahrir Square on television, or in newspapers and magazines. In other words, what we know about the Egyptian Spring is nothing more than “narratives” that express the views of their authors. We are surrounded by narratives. Take newspapers, magazines, TV channels, YouTube and social media; they are all platforms for multiple voices and narratives. But do all of them reflect reality? Al-Rawiyat answers in the negative.
The structure of the novel is confusingly divergent, with the frame narrative resembling a Matryoshka doll that encases four stories. The multiple and overlapping narrative voices mean readers never stop asking: “Who is speaking?” and “What are they talking about?”
Added to this confusion is Hassan’s tendency to give several names to each of her characters. Abbadon is both Miriam and Maha, while Sabato can be Ernesto or Franco. “Our names have no significance . . . We are mere virtual creatures.”
A similar uncertainty surrounds the place in which the novel is set. It is “that big city which resembles Cairo, New York, Tokyo, Paris, London or Beirut.”
Al-Rawiyat is a well-crafted work whose turbulent form gives it the uncertainty and ambiguity of great works, such as Season of Migration to the North by Tayeb Salih and Ulysses by James Joyce, novels that raised more questions than they offered answers.
Al-Rawiyat
Maha Hassan
Dar Al-Tanweer, 192 pages
Beirut, 2014 London, Asharq Al-Awsat—
In her most recent novel, Al-Rawiyat (Female Narrators), published last year, Syrian novelist Maha Hassan explores the esoteric realms of oral and written storytelling through a set of female characters, who are not necessarily connected, but are all obsessed with the art of narration.
From the book’s dedication to the unpublished “female raconteurs [who] . . . lived and died in darkness” to the last sentence highlighting the “emancipatory” powers of writing, a celebratory, almost naive tone dominates the novel.
The first narrator, Abbadon, says she lives two lives: A superficial, “typical” one concerned with the satisfaction of mundane day-to-day needs, and a “rich and dense” one centering on fiction writing. “[I was] born to tell tales,” she says, echoing the title of Gabriel Garcia Marquez’s memoir.
“Telling tales is the only entertainment and pastime she has to pass the days in peace,” the narrator says. Even when someone steals the manuscript of her debut novel and publishes it under their name, she does not seem too bothered.
“What’s the harm? What is important is that my characters have a chance to come out to the world, that tales come out for people to read. What is important is the novel not the novelist.”
Rama, the last of the narrators, lives in a parallel, imaginary world, overflowing with fictional characters. Concerned about Rama’s sanity, her mother tries to “suppress” her imagination by exhausting her with all sorts of physical activities. Rama, who was born in India, inherited from her grandmother “the magical ability to tell stories.” Compared to her peers who find in bedtime stories a passageway to sleep, Rama waits for her grandmother to end the story so that she can deconstruct and reconstruct it from scratch. When she grows up, her relationship with her husband reaches a dead-end when she confesses to him that “the only moment I feel ecstasy that resembles orgasm is when I tell tales.”
There are many similarities between these two narrators: both derive sexual pleasure out of storytelling. Abbadon says: “A sexual energy is generated inside me when I write.” But it would be a mistake to think that this is what Al-Rawiyat is all about, that the female protagonists are the 21st century version of Scheherazade, who tamed Shahryar after One Thousand and One Nights of storytelling. Al-Rawiyat is deeper than just a cry against patriarchy, or a manifesto calling for a feminist revolution. Beneath the bluntly “revolutionary” surface of the novel, there is a complex narrative structure threatening to subvert it.
Each of the book’s stories culminates with a twist in the plot that contradicts the narrator’s expectations and thus raises questions about their credibility and familiarity with the stories they tell. While Abbadon finds in Sabato the man of her dreams who does everything in his power to help her write her first novel, we discover at the end of their story that he has been using her for purely utilitarian purposes.
The same is also true of Rama, who realises—albeit too late—that Aravind, the musician whom she thought would liberate her repressed soul, is nothing but “an idiot who lacks imagination.”
“To tell a story is to claim a certain authority, which listeners grant,” writes American critic Jonathan D. Culler in his Literary Theory. Faced with the narrators’ celebratory tone about the ability of storytelling to undermine patriarchy, readers have no choice but to take what they say at face value, and thus submit to their narrative authority.
However, following the disappointments the characters/narrators face, we start to doubt that they are worthy of our trust. The dramatic twists in the novel implicitly raise questions about the credibility of the narration and whether or not the narrator deserves the authority that the reader grants. Unlike One Thousand and One Nights, which highlights Scheherazade’s mastery of the art of storytelling, Al-Rawiyat sheds light on the narrators’ failure to have control over the stories they tell. The novel does exactly the opposite of what it preaches. Hassan’s female narrators give a fake impression of Scheherazade.
In what seems to be a diversion from the plot, Alice—a PhD candidate in “philosophy and its relation to art,”—visits Cairo, having been “possessed with the spirit of Pharaohs.” The chapter overflows with references to the success of the Arab Spring in Egypt. Alice says she “has trust in the Egyptian people. Those who toppled Mubarak are capable of toppling the Muslim Brotherhood, and will not accept a new dictatorship.”
For all the failure that the Arab Spring has proved to be, such remarks—which we now find as either cynical or naïve—are said by Alice with the utmost seriousness. Based on what has been written about Al-Rawiyat in the Arab press, there seems to be a consensus about the chapter’s irrelevance to the rest of the novel. In fact, the chapter is highly significant in that it underlines the discrepancy between reality and narration.
Alice, the narrator, is merely offering her “narrative” of the Arab Spring, which stands in stark contrast to reality.
We all heard about the events in Tahrir Square on television, or in newspapers and magazines. In other words, what we know about the Egyptian Spring is nothing more than “narratives” that express the views of their authors. We are surrounded by narratives. Take newspapers, magazines, TV channels, YouTube and social media; they are all platforms for multiple voices and narratives. But do all of them reflect reality? Al-Rawiyat answers in the negative.
The structure of the novel is confusingly divergent, with the frame narrative resembling a Matryoshka doll that encases four stories. The multiple and overlapping narrative voices mean readers never stop asking: “Who is speaking?” and “What are they talking about?”
Added to this confusion is Hassan’s tendency to give several names to each of her characters. Abbadon is both Miriam and Maha, while Sabato can be Ernesto or Franco. “Our names have no significance . . . We are mere virtual creatures.”
A similar uncertainty surrounds the place in which the novel is set. It is “that big city which resembles Cairo, New York, Tokyo, Paris, London or Beirut.”
Al-Rawiyat is a well-crafted work whose turbulent form gives it the uncertainty and ambiguity of great works, such as Season of Migration to the North by Tayeb Salih and Ulysses by James Joyce, novels that raised more questions than they offered answers.
الأديبة مها حسن: خُلقت لأروي
حوار/ إبراهيم الحجري
الجزيرة نت
تعتبر الروائية السورية المقيمة في فرنسا
مها حسن من الأصوات المجددة في السرد الروائي العربي، بفضل حسها ووعيها بالجماليات
السردية، وحرصها على الانزياح الشكلي في صياغة العوالم الروائية.
كما أنها أضافت إلى جنس الرواية العربية -باعتبارها امرأة كاتبة-
مضامين ذات خصوصية أنثوية قلما يغامر فيها الروائيون الذكور، وإن كانت هي تنفر من
هذا التصنيف.
وحصلت مها حسن على ليسانس في الحقوق من جامعة حلب،
ونشرت حتى الساعة ثماني روايات، هي "اللامتناهي-سيرة الآخر" (عام 1995)
و"جدران الخيبة أعلى" (2002) و"تراتيل العدم" (2009) و"حبل
سري" (2010) و"بنات البراري" (2011) و"طبول الحب" (2012)
و"الراويات" و"نفق الوجود" (2014).
فازت مها حسن بجائزة هيلمان/هامت الأميركية عام 2005، كما أنها وصلت
إلى القائمة الطويلة لجائزة بوكر العربية مرتين (2011) و(2015) من خلال روايتيها
"حبل سري" و"الراويات".
تجعلين الكتابة جوهر الحياة، إن لم تكن
هي الحياة نفسها. ما سر هذه المعادلة لديك؟
"خُلقت لأروي"، هذه العبارة التي بدأت بها روايتي الأخيرة
(الراويات)، من هنا تتبدى أهمية الكتابة بالنسبة لي، فالعيش بالنسبة لي هو
الكتابة، تماما كما قلت في السطر الأول من الرواية: أعيش حياتين.. ووصفت نفسي
بالآلة الكاتبة. أعتقد أن الكتابة تمنح المرء حياة إضافية، ربما هي قدر أيضا.
بعد حصيلتك الروائية التي تحققت لحد
الساعة، هل تحسين أن جزءا كبيرا من الذاكرة والوجود قد تحقق أم أنك تصارعين الزمن
لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ذاكرة خزنتها النساء عبر التاريخ؟
""خُلقت لأروي"، هذه العبارة التي بدأت بها روايتي الأخيرة
(الراويات)، من هنا تتبدى أهمية الكتابة بالنسبة لي، فالعيش بالنسبة لي هو
الكتابة، تماما كما قلت في السطر الأول من الرواية: أعيش حياتين"
لا أعتقد أنني أدون الذاكرة، أنا أكتب الرواية، وهي فن متخيل في قسم
كبير منه، ينهل من المخيلة أولا، ثم يرفدها بالواقع والفكر والتحليل والذاكرة..
لهذا فإنني وكما تحدثت أيضا في (الراويات) أعيش حالة المنجم الكتابي، ثمة الكثير
بداخلي، وثمة إحساس دائم لدي أنني لم أكتب روايتي بعد.
كتبت القصة إلى جانب الرواية. ألا
تفكرين بالانفتاح على أجناس أدبية أخرى أم أنك تجدين في الرواية الأفق الذي يحضن
كل أجناس القول؟
في الوقت الحالي اشتغالي مركّز على الرواية، شغفي الأساسي، لكن هذا لا
يمنع أبدا من طرق أبواب مغايرة، على العكس تماما، حيث كما أجبتك من قبل، عن كتابي
أو روايتي التي لم أكتبها بعد، قد يكون ذلك الكتاب، مسكوبا في جنس جديد علي لم
أكتبه من قبل، القصة أو ربما الرواية السيرية.. بالإجمال، نعم، أفكر بالانفتاح على
أجناس أخرى، لكنني لا أعرف متى أفعل.
تكتبين عن الوطن والعالم العربي وأنت
بعيدة عنهما، ونشعر في كتاباتك السردية بإحساس ربما يفوق إحساس الذين يعيشون هناك
ويتفاعلون يوميا مع الأحداث. كيف تتحقق لديك هذه الحاسة السحرية التي تتسلل إلى
القيعان الخبيئة للإنسان والأرض؟
أنا ابنة هذه المنطقة، لدي مخزون هائل من حكاياتها، ومتأثرة بثقافتها،
دون أن ألغي أثر العيش الغربي علي، والذي فتح لي كذلك آفاق الثقة بذاتي الكتابية،
ومنحني الإيمان بالكتابة دون طابوهات إبداعية. تذكر ربما أنني قلت في روايتي
"حبل سري"، أن المستقبل للرواية المشرقية، لأن منطقتنا غنية بالروح
والجدل، منطقة حيوية رغم العنف والجهل والحروب والاستبداد.. لكنها غنية بالإنسان
وشغفه الدائم للتطور والتعلم إبداعيا، أشعر أن منطقتي الروائية تكمن هنا، في الكشف
عن ثراء الإنسان شبه الفطري، الإنسان الذي لم تخربه بعد الحضارات، ولم تتلفه
الماكينة والتكنولوجيا.
"أنا ابنة هذه المنطقة، لدي مخزون هائل من حكاياتها، وأنا
متأثرة بثقافتها، دون أن ألغي أثر العيش الغربي علي، لأنه فتح لي كذلك آفاق الثقة
بذاتي الكتابية، ومنحني الإيمان بالكتابة دون طابوهات إبداعية"
أذكر للتو كتاب "تدهور الحضارة" وأشعر أننا في العالم العربي
بكامل إثنياته وتعقيداته، من عرب وكرد وأمازيغ وموازييك إنساني هائل مصهور في
مفاهيم قديمة لم تتطور، لدينا الكثير -كروائيين وشعراء ونقاد وباحثين- الكثير من
العمل، لدينا مساحات لم يشتغل عليها أحد، لهذا فأنا "مهجوسة" إن صحت
اللفظة بأبناء هذه المنطقة وبناتها.
نلمس في أغلب رواياتك انشغالا كبيرا
بقضية المرأة العربية تلك التي راحت ورحلتْ معها قصتها. ونحس أنك تختزنين في صدرك
كل حكايات اللواتي قضين واللائي يعشن، واللواتي لم يأتين بعد. من هي المرأة التي
أودعتك كل هذه الأسرار، وحملتك كل هاته الأثقال السردية؟
وُلدت في مجتمع نسائي حكّاء.. في منزل تحكمه ثلاث نساء يتبادلن السلطة،
ويتنازعنها، وقد تناوبن على تربيتي، وتنازعن علي، إلى أنني حتى اليوم، أحاول إيجاد
صيغ توفيقية لأعبّر عن ولائي لهن معا، دون تعارض أو نزاع.
جدتي لأبي، مربيتي الذهنية، امرأة عُرفت بالحكمة، وكانت تُدعى إلى
مجالس الرجال حتى لفض النزاعات. كانت امرأة قليلة الكلام، صوفية إلى حد ما، كردية
لا تجيد من العربية إلا السور القرآنية. علاقتها بي استندت إلى القص والنُصح غير
الفج، والكثير من الحب، ثم جاءت ابنتها، عمتي، التي كانت طموحة ومتمردة ضمن محيطها
الضيق، لكن المجتمع هرسها وأقفل عليها داخل بيوت تقليدية، فماتت شابة، ولا تزال
ملهمتي عن النساء الرافضات لقدرهن، حتى أنني أظن أنها ماتت برغبتها، ماتت كرفض
للحياة المملة والعادية.
وأخيرا أمي، مورثتي للسرد.. أمي امرأة لا تكف عن السرد، ولولا أنها
أمية ولا تجيد الكتابة ولا تقرأ سوى في فنجان القهوة الذي فتح مخيلتي باكرا
لنازعتني على الكتابة.
"أعتقد دون تعصب، أن الكون أنثوي، وأن الإبداع هو المرأة.. لنعد
إلى قصة الخلق الأولى.. حواء هي صاحبة الفضل على البشرية في تجربة العيش"
ثم دخلت حياتي نساء أخريات طبعا، والسلسلة لا تزال مستمرة.. نساء أتلفن
هناءتي، وهن يستنجدن بي لأحكي وجعهن، نساء قُتلن غدرا بسبب ما ندعوه في الشرق
بالشرف، نساء حُرمن من أحلامهن وتطلعاتهن ورُمين في العتمة... هؤلاء ينغصن عيشي،
ويثقلن كاهلي، فأكتب، أكتبهن محاولة الغوص أكثر، في تاريخهن وتاريخي المتداخل..
حيث تاريخ المرأة لا يزال هو الطابو الكبير، وبالنسبة لي، إحدى حالات إلهامي.
في "الراويات" تتعدد قصص
النساء، كل تحكي مأساتها بأسلوبها الخاص، فتتعدد الأصوات، وتتداخل. فكيف تقيسين
المسافة بين الكاتبة والرواة (الأقنعة) والشخوص؟
هل نجوت فعلا في "الراويات" من خطر المسافة؟ أعرف أنني تورطت
في هذه الرواية إلى حد الخدر.. فوجدت "ساباتو" -بطلي- يوقع لي نسخة من
الرواية، باسمي أنا.. هذه الرواية سرقتني مني، وسمحت لنفسي بمشاركة بطلاتها قصصهن،
تذكر منذ المقدمة، وأنا أتحدث عن جدي، وأبي... كما لو أنني أريد أن أقول إن هذه
الرواية هي أنا المتعددة، المتوالدة.
حسنا، لن أكشف أسراري، لكن هذه الرواية أخذتني، ووجدتني مع
"الراويات" كراوية ألهث معهن، أفرح وأبكي، أخاف وأغضب... أحيانا تأتي
الكتابة الثانية، أي في مرحلة تدقيق النص ومراجعته، لأحاول زجر الروائية بداخلي،
فأخفف من حضورها، وهكذا أقيس مسافتي.. لكن في "الراويات" كان الزجر أقل.
حققت الكتابة النسائية العربية تراكما
ملموسا. بل إن كثيرا من الأصوات النسائية تفوقن على الكتابة الروائية لدى الرجل في
بعض الزوايا والخصوصيات. كيف تفسرين هذا الأمر؟
لا أزال أندهش من هذه الأسئلة، كما لو أنه من الطبيعي أن تكون المرأة
أقل من الرجل.. أعتقد ودون تعصب، أن الكون أنثوي، وأن الإبداع هو المرأة.. لنعد
إلى قصة الخلق الأولى.. حواء هي صاحبة الفضل على البشرية في تجربة العيش، لولا
هواجسها وتشكيكها ورفضها للثابت، وإن كان النعيم، لما نزلنا على الأرض وخبِرنا
الحياة... لهذا، فأنا أعتقد بتفوق المرأة الإبداعي في الأصل، وما هذه المحاولات
القليلة التي تظهر، سوى إعادة الاعتبار لإبداع المرأة.
"حين تتحرر المرأة من استرضاء الرجل، وتستعيد سلطتها على ذاتها
وعلى العالم، سنجد الكثير من المفاجآت في الإبداع.. لا نزال في البدايات الخجولة"
المشكلة تكمن في الكليشيهات التي حبست المرأة ذاتها، فراحت تنتج أدبا
يطبطب للرجل.. حين تتحرر المرأة من استرضاء الرجل، وتستعيد سلطتها على ذاتها وعلى
العالم، سنجد الكثير من المفاجآت في الإبداع.. لا نزال في البدايات الخجولة، وهذه
الأصوات التي نسمعها ونقول بتفوقها، ليست إلا عينات بسيطة.
يتحدث المتتبعون حاليا عن هيمنة الجنس
الروائي على باقي الأجناس الأدبية الأخرى. هل تتفقين مع هذا الطرح؟
ربما بسبب انتشار جوائز الرواية في العالم العربي، ثمة سوق تميل لإنتاج
الرواية، وثمة ميل لدى الناشرين العرب خاصة في استقطاب الرواية، وهذا ينطبق أيضا
على الغرب.
الجوائز في الغرب كذلك تشد الاهتمام صوب الرواية أكثر، ولا ننسى أن
للشعر نخبويته، والرواية أكثر اقترابا من النبض الجماهيري، خاصة الرواية بالمعنى
التلقائي الدارج، أي الحكاية.
شخصيا أميل إلى الكتابة الجميلة، حتى مجرد مقال من ألف كلمة أو أقل،
يمكن أن يتمتع بجمالية تتفوق على كتاب نقدي أو رواية من ألف صفحة.. بالنسبة لي، لا
معايير ثابتة للإبداع، لكنها السوق -للأسف- من تحدد الهيمنة الأدبية وقانون
البضاعة الرائجة.
كرست الجوائز الأدبية أسماء روائية
جديدة، وأسقطت أسماء باتت مكرسة طوال عقود. هل تؤمنين بأن الجوائز تساهم في صناعة
الروائي وتطوير تجربته وترويج اسمه؟
"الإبداع الذي يصمد، كأدب دستويفسكي أو كافكا أو كونديرا... هو
حفر طويل وشاق، لا علاقة له بالآنية التي تثيرها الجوائز والإعلام"
قد تساهم الجوائز أو المناسبات الاستثنائية في صناعة اسم ما، لوقت ما،
ولكن الأمر يشبه نجومية السينما والغناء.. نحصل على ظواهر مؤقتة سرعان ما يبتلعها
الزمن، أي أنه يمكن التحدث عن الموجة العابرة، أما الأثر الطويل، فمن النادر أن
تكتشفه الجوائز، أو أن تصنع الجائزة روائيا ما.. فالإبداع عملية تراكمية،
واكتشاف ظاهرة أو اسم أو تجربة، قد يكون لها أثرها السريع والحالي، إلا أنها تذوي مع
الزمن... الإبداع الذي يصمد، كأدب دستويفسكي أو كافكا أو كونديرا... هو حفر طويل
وشاق، لا علاقة له بالآنية التي تثيرها الجوائز والإعلام، دون أن يعني هذا استنكار
الجوائز أو الاعتراض عليها، فهي تساهم دون شك في تحريك المشهد الإبداعي والنقدي،
وهذا مهم جدا للكاتب والقارئ وللثقافة عموما.
هل نالت تجربتك في الكتابة حظها من
المتابعة النقدية؟ وإلى أي حد أسهم النقد في تطوير وعيك السردي؟
إلى حد ما، أنا راضية عن المتابعة النقدية لكتابتي، هناك أسماء مهمة في
العالم النقدي كتبت عن أعمالي، ولكن موضوع التطوير أمر آخر.. فالإبداع عملية فردية
لا أعتقد أنها تتأثر بالخارج.. ربما يضيف الخارج المزيد من القلق والإحساس
بالمسؤولية، وهذا من وصفات الكتابة الحقيقية المشغولة بخوف وشغف معا، لكنه برأيي
لا يؤثر على تطوير الوعي السردي، إلا من حيث تفتيح آفاق النقد، أي النقد المتعلق
بأي نص، سواء كان النص المشتغل عليه نقديا هو نصي أنا أو نص غيري... شخصيا، أسمع
وأستمتع، ولكنني لا أحاول اتباع وصفات مهما كانت برأي الآخرين ناجحة، بل أجدني
متشبثة بعنادي، هذا العناد الذي حماني حتى اللحظة من الانجراف خلف رأي الآخر
الإبداعي أو وصفته للكتابة الناجحة.
الرواية أم الراوي
الرواية أم الراوي؟
خالد الحروب
8 مارس 2015
مدام بوفاري (بطلة رواية "مدام بوفاري") صارت
أهم من فلوبير،
وأنطون روكانتان (في رواية "الغثيان") أهم من
سارتر، وراسكولنيكوف (في "الجريمة والعقاب") أهم من دوستوفيسكي. هذا ما
تقوله لنا مها حسن في روايتها، أو لنقل مجموعة حكاياتها، الموسومة بـ
"الراويات". ملكات الروايات وأميراتها هن الإناث: الجدات والحفيدات على
وجه التحديد. تكبر الحفيدات وحكايا الأمسيات الطويلة والباردة والدافئة والحميمة
محفورة في طيات وجدان يتوهج مع ركض السنين. تصير الحكايات المُختزنة بعيداً
وعميقاً في لاوعي اليفاعة، فيضاً فواراً من السرد والكلام المحكي والمنقول. فيه
حِكَمٌ بسيطة وغامضة، عابرة ومقيمة في آن معاً. الراويات هن موطن الحكايات
والأسرار والسرد الطويل. الجدات هن رواة قصص الزير سالم، رواة قصص شهرزاد، رأين ما
لم يره الذكور. يتحدثن مع أطياف تطير وتدور في البيوت وتمرق من وراء الجدران،
يتهامسن مع قطط تجأر بالشبق في أزقة الحارات في أواخر ليالي شباط، يطمئنن على
المواليد الجدد..
الراويات يؤمنّ بالحكي والحكايات، لا يركضن وراء النشر والكتابة. يتمردن على مقولة قديمة رددها الذكور منذ زمن سحيق أن "الخاطرة صيد والكتابة قيد". هذا ما يقوله عقل الرجل القناص. تعود القنص منذ فجر البشرية: قنص الصيد، وقنص النساء، وقنص الأفكار.
الراويات يؤمنّ بالحكي والحكايات، لا يركضن وراء النشر والكتابة. يتمردن على مقولة قديمة رددها الذكور منذ زمن سحيق أن "الخاطرة صيد والكتابة قيد". هذا ما يقوله عقل الرجل القناص. تعود القنص منذ فجر البشرية: قنص الصيد، وقنص النساء، وقنص الأفكار.
مها حسن تتوقف عند القنص الثالث. بطلتها الحكاءة تعمل في
مكان ما، في مصنع، يجز وقتها وحياتها روتين اللهاث اليومي وراء رغيف خبز عنيد
وحقير. حلمها أن تحكي ما تعيش فيه من عوالم وأطياف وقصص تغرق فيها كلما تأملت في
الفراغ المنثور حولها. يأتيها القناص. يدرك حلمها ويعرض عليها أن تتفرغ شهوراً من عملها
وهو يمنحها راتباً شهرياً، ومسكناً، ويطمئن على كل احتياجاتها مقابل أن تكتب
أحلامها. لماذا يفعل ذلك؟ تسأل. يقول لأنه يريد أن يشاركها الحلم وحسب. يريد أن
يخرج من واقع بليد ورتيب وضاجٍّ بأمور الحياة وجمع المال. تقبل.
تنشدّ إلى هذا الرجل الوسيم، الذي يشترط عليها (نعم هو يشترط عليها) أن لا تنام معه لقاء ما ينفقه عليها، حتى لا تموت الأحلام. تطلق عليه اسم سباتو، مؤلف رواية "ملاك الجحيم (أبدون)"، الرواية التي أحبتها وتداوم على قراءتها. تحلم به وهي تكتب طيلة شهور. تنهي النص وقد اختلطت عليها مشاعرها. كتبت حكاياتها كما حلمت، لكن حكاية جديدة نشبت مع هذا الرجل وهو لا يريد لها أن تُستكمل. تعطيه النص وتغادر كأنما هي صفقة. القناص ينشر النص باسمه ويصبح روائياً مشهوراً. يعيش في نجومية النص ومقابلاته الصحافية والتلفزيونية وما جلبه عليه من مال لسنوات عدة. يصبح سجين نجومية غير مُستحقة، ويزداد بشاعة.
راما الهندية تظهر فجأة في نهاية الحكاية لتختم القصة والسرد. غابت كل النسوة اللواتي صحبننا في فصول الرواية، واحتلت راما المسرح وحدها لعدة صفحات. في مونولوج انفرادي تأخذنا إلى عوالم الهند، بعيداً عن الفضاءات العربية التي تكثفت في الرواية. عوالم مخلتفة وبعيدة، لكنها قريبة إلى روح الحكاية لأن فيها جوهر "الحكي" الإنساني. تستدعي مها حسن راما الهندية وتختم بها كي تقول، ربما، إن شبق الحكي والحكايات واحد، لا جغرافيا له، بل يتسع بامتداد الراويات الجميلات، الجدات الكبار، والصبايا الحالمات الصغار. يحررن الرواية، ولا يلقين بالاً لجحافل القناصين الواقفين هناك بغية قنصها ونشره
تنشدّ إلى هذا الرجل الوسيم، الذي يشترط عليها (نعم هو يشترط عليها) أن لا تنام معه لقاء ما ينفقه عليها، حتى لا تموت الأحلام. تطلق عليه اسم سباتو، مؤلف رواية "ملاك الجحيم (أبدون)"، الرواية التي أحبتها وتداوم على قراءتها. تحلم به وهي تكتب طيلة شهور. تنهي النص وقد اختلطت عليها مشاعرها. كتبت حكاياتها كما حلمت، لكن حكاية جديدة نشبت مع هذا الرجل وهو لا يريد لها أن تُستكمل. تعطيه النص وتغادر كأنما هي صفقة. القناص ينشر النص باسمه ويصبح روائياً مشهوراً. يعيش في نجومية النص ومقابلاته الصحافية والتلفزيونية وما جلبه عليه من مال لسنوات عدة. يصبح سجين نجومية غير مُستحقة، ويزداد بشاعة.
راما الهندية تظهر فجأة في نهاية الحكاية لتختم القصة والسرد. غابت كل النسوة اللواتي صحبننا في فصول الرواية، واحتلت راما المسرح وحدها لعدة صفحات. في مونولوج انفرادي تأخذنا إلى عوالم الهند، بعيداً عن الفضاءات العربية التي تكثفت في الرواية. عوالم مخلتفة وبعيدة، لكنها قريبة إلى روح الحكاية لأن فيها جوهر "الحكي" الإنساني. تستدعي مها حسن راما الهندية وتختم بها كي تقول، ربما، إن شبق الحكي والحكايات واحد، لا جغرافيا له، بل يتسع بامتداد الراويات الجميلات، الجدات الكبار، والصبايا الحالمات الصغار. يحررن الرواية، ولا يلقين بالاً لجحافل القناصين الواقفين هناك بغية قنصها ونشره
العربي الجديد